وقد يتصرف في القريب المبتذل بما يخرجه من الابتذال إلى الغرابة، وهو على وجوه: منها أن يكون كقوله:
لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا ... إلا بوجه ليس فيه حياء١
وقوله:
فردت علينا الشمس والليل راغم ... بشمس لهم من جانب الخِدْر تطلع
فوالله ما أدري أأحلام نائم ... ألمت بنا أم كان في الركب يوشع٢
فإن تشبيه وجوه الحسان بالشمس مبتذل، لكن كل واحد من حديث الحياء في الأول، والتشكيك -مع ذكر يوشع عليه السلام- في الثاني، أخرجه من الابتذال إلى الغرابة. وشبيه بالأول قول الآخر:
إن السحاب لتستحي إذا نظرت ... إلى نداك فقاسته بما فيها٣
ومنها أن يكون كقوله:
عزماته مثل النجوم ثواقبا ... لو لم يكن للثاقبات أفول٤
وقوله:
مها الوحش إلا أن هاتا أوانس ... قنا الخط إلا أن تلك ذوابل٥
وقوله:
يكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا ... لو كان طلق المحيا يمطر الذهبا
والبدر لو لم يغب والشمس لو نطقت ... والأسد لو لم تصد والبحر لو عذبا٦