للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يكون المشبه مذكورا أو مقدرا١؛ فاسم المشبه به إن كان خبرا، أو في حكم الخبر -كخبر "كان وإن"، والمفعول الثاني لباب "علمت" والحال- فالأصح أنه يسمى تشبيها، وأن الاسم فيه لا يسمى استعارة؛ لأن الاسم إذا وقع هذه المواقع فالكلام موضوع لإثبات معناه لما يعتمد عليه، أو نفيه عنه؛ فإذا قلت: "زيد أسد"، فقد وضعت كلامك في الظاهر لإثبات معنى الأسد لزيد، وإذا امتنع إثبات ذلك له على الحقيقة، كان لإثبات شبه من الأسد له، فيكون اجتلابه لإثبات التشبيه، فيكون خليقا بأن يسمى تشبيها؛ إذ كان إنما جاء ليفيده، بخلاف الحالة الأولى؛ فإن الاسم فيها لم يجتلب لإثبات معناه للشيء، كما إذا قلت: "جاءني أسد، ورأيت أسدا"، فإن الكلام في ذلك موضوع لإثبات المجيء واقعا من الأسد، والرؤية واقعة منك عليه، لا لإثبات معنى الأسد لشيء؛ فلم يكن ذكر المشبه به لإثبات التشبيه، وصار قصد التشبيه مكنونا في الضمير, لا يعلم إلا بعد الرجوع إلى شيء من النظر.

ووجه آخر في كون التشبيه مكنونا في الضمير؛ وهو أنه إذا لم يكن المشبه مذكورا جاز أن يتوهم السامع في ظاهر الحال أن المراد باسم المشبه به ما هو موضوع له، فلا يعلم قصد التشبيه فيه إلا بعد شيء من التأمل، بخلاف الحالة الثانية، فإنه يمتنع ذلك فيه مع كون المشبه مذكورا أو مقدرا.

ومن الناس٢ من ذهب إلى أن الاسم في الحالة الثانية استعارة؛ لإجرائه على المشبه مع حذف كلمة التشبيه٣، وهذا الخلاف لفظي راجع إلى الكشف عن معنى الاستعارة والتشبيه في الاصطلاح٤، وما اخترناه هو الأقرب لما أوضحناه من

<<  <  ج: ص:  >  >>