للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعريف المجاز العقلي: وأما المجاز فهو إسناد الفعل١، أو معناه، إلى ملابس له٢، غير ما هو له بتأول٣.

وللفعل٤ ملابسات شتى: يلابس الفاعل، والمفعول به، والمصدر، والزمان، والمكان، والسبب٥.

فإسناده إلى الفاعل: إذا كان مبنيا له حقيقة كما مر، وكذا إلى المفعول: إذا كان مبنيا له٦. وقولنا: "ما هو له" يشملهما.

وإسناده إلى غيرهما٧ -لمضاهاته٨ ما هو له في ملابسة الفعل- مجاز؛ كقولهم في المفعول به٩:


١ المراد بالإسناد هنا أيضا ما يشمل الإيجابي والسلبي، والثاني كقوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البقرة: ١٦] ، وكذلك ما يشمل إسناد الفعل إلى الفاعل وإلى المفعول؛ كما في قولك: أجرى الله النهر.
٢ يشير بهذا إلى أنه لا بد فيه من العلاقة كسائر المجازات؛ فالعلاقة هنا هي الملابسة، أي: ملابسة العقل للفاعل المجازي من جهة وقوعه عليه أو فيه أو به أو نحو ذلك.
٣ أي: بقرينة صارفة عن إرادة الظاهر؛ لأن التأويل صرف اللفظ عن ظاهره إلى غيره، فالمتبادر في نحو: "أنبت الربيع البقل" أن الإسناد فيه إلى ما هو له، والقرينة تصرفه عن ظاهره.
٤ مثله ما في معناه بقرينة التعريف.
٥ لم يذكر المفعول معه والحال ونحوهما؛ لأن الفعل لا يسند إلى ذلك على سبيل المجاز العقلي.
٦ نحو: أُنبت البقلُ.
٧ هذا يشمل إسناد ما هو للفاعل إلى المفعول به؛ نحو: "عيشة راضية"، وإسناد ما هو للمفعول إلى الفاعل، نحو: "سيل مفعم".
٨ يريد بالمضاهاة في ذلك علاقة الملابسة السابقة، ولا يريد أن العلاقة في ذلك المشابهة؛ لأن المشابهة علاقة المجاز بالاستعارة لا المجاز العقلي، وقيل: إن العلاقة هنا المشابهة في الملابسة، وهو تكلّف يأباه أسلوب المجاز العقلي؛ لأنه لا يلاحظ فيه ذلك أصلا، على أن علاقة المشابهة لا تكفي فيها هذه الملابسة.
٩ أي: في إسناد ما هو للفاعل إلى المفعول به، والعلاقة فيه الملابسة بالمفعولية.

<<  <  ج: ص:  >  >>