اللفظ مع تكثير المعنى. ونقل الشيخ عبد القاهر١ عن بعض المفسرين أنه قال:"المراد بالقلب العقل"، ثم شدّد عليه النكير في هذا التفسير، وقال:"وإن كان المرجع فيما ذكرناه عند التحصيل إلى ما ذكره، ولكن ذهب عليه أن الكلام مبني على تخييل أن من لا ينتفع بقلبه -فلا ينظر ولا يعي- بمنزلة من عَدِم قلبه جملة٢، كما تقول في قول الرجل إذا قال: "قد غاب عني قلبي"، أو "ليس يحضرني قلبي": إنه يريد أن يخيل إلى السامع أنه غاب عنه قلبه بجملته، دون أن يريد الإخبار أن عقله لم يكن هناك، وإن كان المرجع عند التحصيل إلى ذلك، وكذا إذا قال: "لم أكن ههنا"، يريد غفلته عن الشيء، فهو يضع كلامه على التخييل".
هذا معنى كلام الشيخ، وهو حق؛ لأن المراد بالآية الحثّ على النظر، والتقريع على تركه، فإن أراد هذا المفسر بتفسيره أن المعنى: لمن كان له عقل مطلقا، فهو ظاهر الفساد٣، وإن أراد أن المعنى: لمن كان له عقل ينتفع به ويُعمِله فيما خُلق له من النظر؛ فتفسير القلب بالعقل، ثم تقييد العقل بما قيده عَرِيّ عن الفائدة؛ لصحة وصف القلب بذلك٤ بدليل قوله تعالى:{لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} ٥.
واعلم أن المثل السائر لما كان فيه غرابة، استُعير لفظة المَثل للحال أو الصفة أو القصة إذا كان لها شأن وفيها غرابة٦. وهو في القرآن كثير كقوله تعالى: {مَثَلُهُمْ