وما يَكُ فيّ من عيب فإني ... جبان الكلب مهزول الفصيل١
فإنه ينتقل من جبن الكلب عن الهرير في وجه من يدنو من دار من هو بمرصد لأن يعسّ دونها؛ مع كون الهرير في وجه من لا يعرفه طبيعيا له، إلى استمرار تأديبه؛ لأن الأمور الطبيعية لا تتغير بموجب لا يقوى، ومن ذلك إلى استمرار موجب نباحه وهو اتصال مشاهدته وجوها إثر وجوه، ومن ذلك إلى كونه مقصد أدان وأقاص، ومن ذلك إلى أنه مشهور بحسن قِرَى الأضياف. وكذلك ينتقل من هزال الفصيل إلى فقد الأم، ومنه إلى قوة الداعي إلى نحرها؛ لكمال عناية العرب بالنوق لا سيما المُتلِيات، ومنها إلى صرفها إلى الطبائخ، ومنها إلى أنه مضياف. ومن هذا النوع قول نُصيب:
لعبد العزيز على قومه ... وغيرهم مِنَن من ظاهره٢
فبابك أسهل أبوابهم ... ودارك مأهولة عامره٣
وكلبك آنَس بالزائرين ... من الأم بالابنة الزائره
فإنه ينتقل من وصف كلبه بما ذكر، إلى أن الزائرين معارف عنده، ومن ذلك إلى اتصال مشاهدته إياهم ليلا ونهارا، ومنه إلى لزومهم سدته، ومنه إلى تسني مباغيهم لديه من غير انقطاع، ومنه إلى وفور إحسانه إلى الخاص والعام، وهو المقصود.
ونظيره مع زيادة لطف قول الآخر:
يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلا ... يكلمه من حبه وهو أعجم٤