وهو ذاته تعالى، فلما قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ} دل على أنه ليس له مثل١. وأُورد أنه يلزم منه نفيه تعالى لأنه مثل مثله، ورُدّ بمنع أنه تعالى مثل مثله؛ لأن صدق ذلك موقوف على ثبوت مثله؛ تعالى عن ذلك.
وكقول الشنفرى الأزدي في وصف امرأة بالعفة:
فإنه نبه بنفي اللوم عن بيتها على انتفاء أنواع الفجور عنه، وبه على براءتها منها، وقال:"يبيت" دون "يظل" لمزيد اختصاص الليل بالفواحش، هذا على ما رواه الشيخ عبد القاهر والسكاكي٣، وفي الأغاني الكبير:"يحل بمنجاة".
وقد يظن أن هنا قسما رابعا، وهو أن يكون المطلوب بالكناية الوصف والنسبة معا، كما يقال:"يكثر الرماد في ساحة عمرو" في الكناية عن أن عمرا مضياف، وليس بذاك؛ إذ ليس ما ذُكر بكناية واحدة، بل هو كنايتان: إحداهما عن المضيافية، والثانية عن إثباتها لعمرو. وقد ظهر بهذا أن طرف النسبة المثبتة بطريق الكناية يجوز أن يكون مكنيا عنه أيضا كما في هذا المثال، ونحوه بيت الشنفرى المتقدم؛ فإن حلول البيت بمنجاة من اللوم كناية عن نسبة العفة إلى صاحبه، والمنجاة من اللوم كناية عن العفة٤.