وترى الطير على آثارنا ... رَأْي عين ثقة أن ستُمار١
وقول أبي تمام:
وقد ظُلِّلت عُقْبان أعلامه ضحى ... بعقبان طير في الدماء نواهل
أقامت مع الرايات حتى كأنها ... من الجيش إلا أنها لم تقاتل٢
فإن الأفوه أفاد بقوله:"رأي عين" قربها؛ لأنها إذا بعدت تُخُيلت ولم تُرَ، وإنما يكون قربها توقعا للفريسة، وهذا يؤكد المعنى المقصود، ثم قال:"ثقة أن ستمار" فجعلها واثقة بالمِيرة، وأما أبو تمام فلم يلم بشيء من ذلك٣ لكن زاد على الأفوه بقوله:"إلا أنها لم تقاتل"، ثم بقوله:"في الدماء نواهل"، ثم بإقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش، وبذلك يتم حسن قوله:"إلا أنها لم تقاتل"؛ وهذه الزيادات حسنت قوله، وإن كان قد ترك بعض ما أتى به الأفوه.
وهذه الأنواع٤ ونحوها أكثرها مقبولة، ومنها ما أخرجه حسن التصرف من قبيل الأخذ والاتباع، إلى حيز الاختراع والابتداع، وكلما كان أشد خفاء كان أقرب إلى القبول.