للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغراض تعريف المسند إليه:

أغراض التعريف: وأما تعريفه فلتكون الفائدة أتم١؛ لأن احتمال تحقق الحكم متى كان أبعد كانت الفائدة في الإعلام به أقوى، ومتى كان أقرب كانت أضعف، وبعده بحسب تخصيص٢ المسند إليه، والمسند كلما ازداد تخصيصا ازداد الحكم بعدا، وكلما ازداد عموما ازداد الحكم قربا، وإن شئت فاعتبر حال الحكم في قولنا: "شيء ما موجود"، وفي قولنا: "فلان بن فلان يحفظ الكتاب"، والتخصيص: كماله بالتعريف.

أغراض التعريف بالإضمار: ثم التعريف مختلف؛ فإن كان بالإضمار: فإما لأن المقام مقام التكلم٣؛ كقول بشار "من البسيط":

أنا المرعث لا أخفى على أحد ... ذَرَّتْ بي الشمس للقاصي وللداني٤

وإما لأن المقام مقام الخطاب؛ كقول الحماسية "من الطويل":


١ أي: مع اقتضاء المقام له؛ ولهذا آثر عليه التنكير في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص: ٢٠] .
٢ المراد بالتخصيص التعيين، وإنما كان التعيين سببا في بعد الحكم؛ لأن كل واحد يعلم حصول ضرب ما مثلا من أي إنسان، ولا يعلم حصول ضرب معين من شخص معين، فتكون الفائدة أتم في الحكم على المعين.
٣ لا يخفى أن مقام التكلم يوجب ضمير المتكلم، ومقام الخطاب يوجب ضمير الخطاب، ومقام الغيبة يوجب ضمير الغيبة، ومثل هذا لا يُبحث عنه في البلاغة كما سبق، وإنما هي معانٍ نحوية لا يصح ذكرها في علم البلاغة.
٤ المرعث: المقرط لُقب به لرعثة "أي: قرط" كان يعلقها وهو صغير في أذنه. وقوله: "ذرت" معناه طلعت، وهو كناية عن شهرته. والشاهد في قوله: "أنا"؛ لأن المقام للتكلم، وقد علمت ما فيه. والحق أن ضمير التكلم يؤتى به في مقام الفخر ونحوه؛ لما فيه من الإشعار بالاعتداد بالنفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>