للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا أهل الوعظ جاءتنا الأخبار الصحيحة أن عمر رضي الله عنه حين ما كان في الاستسقاء قال: "إنا كنا نتوسل إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم فتسقينا وأنا نتوسل إليك بعم نبيك العباس فاسقنا"١ قال ذلك رضي الله عنه والعباس بجانبه يدعو الله تعالى، فإذا كان هذا حال النبيين والصديقين فكيف بالأولياء والصالحين.

يا أهل الوعظ كأنكم تظنون أن في ذلك تعظيمًا لقدر الصالحين والأولياء مع أن أفضل التعظيم والاحترام لهم لا يكون إلا باختيار ما اختاروه لأنفسهم ولا يكون إلا بالاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم ولا معنى للتوسل بهم إلا هذا الاقتداء كما أنه لا معنى للتوسل بالأحياء إلا طلب المشاركة في الدعاء كما ورد في الحديث.

يا أهل الوعظ أي حالة تدعوكم إلى هذا الاعتقاد وبين أيديكم القرون الثلاثة الأولى لم يكن فيها شيء من هذا التوسل ولا ما يشبهه بوجه من الوجوه وكتب السنة والتاريخ بين أيدينا ناطقة بذلك فكل ما حدث بعد ذلك فأقل أوصافه أنه بدعة في الدين وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

يا أهل الوعظ قوموا وانتبهوا وانتظموا في سلك قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ، وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} نقل هذه المقالة المؤيد في مصر عدد ٤٣٩٧ في ٧ شعبان سنة ١٣٢٢ لأحد علماء الأزهر.


١ أخرجه البخاري في "الاستسقاء" من "صحيحه" عن أنس بن مالك. وانظره في "التوسل والوسيلة" لشيخ الإسلام ابن تيمية طبعة المكتب الإسلامي. فقد فند فيه شيخ الإسلام مزاعم من يحتج بهذا الحديث على السؤال بالمخلوقات. انظر ص٦٤ و١٠٤.

<<  <   >  >>