للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهرًا إلى بيت المقدس فكانت قبلة المسلمين هذه المدة ثم إن الله حول القبلة إلى الكعبة وأنزل الله في ذلك القرآن كما ذكر في سورة البقرة وصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون إلى الكعبة وصارت هي القبلة، وهي قبلة إبراهيم وغيره من الأنبياء فمن اتخذ الصخرة اليوم قبلة يصلي إليها فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل مع أنها كانت قبلة لكن نسخ ذلك، فكيف بمن يتخذها مكانًا يطاف به كما يطاف بالكعبة والطواف بغير الكعبة لم يشرعه الله وكذلك من قصد أن يسوق إليها غنمًا أو بقرا ليذبحها هناك ويعتقد أن الأضحية فيها أفضل أو أن يحلق فيها شعره في العيد أو أن يسافر إليها ليعرف بها عشية عرفة فهذه الأمور من البدع والضلالات. من فعل شيئًا منها معتقدًا أنه قربة إلى الله فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل كما لو صلى إلى الصخرة معتقدًا أن استقبالها في الصلاة كاستقبال الكعبة ولهذا بنى عمر بن الخطاب مصلى المسلمين في مقدم المسجد الأقصى فإن المسجد الأقصى اسم لجميع المسجد الذي بناه سليمان عليه السلام، وقد صار بعض الناس يسمي الأقصى المصلى الذي بناه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مقدمه والصلاة في هذه المصلى الذي بناه عمر للمسلمين أفضل من الصلاة في سائر المسجد، فإن عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس وكان على الصخرة زبالة عظيمة؛ لأن النصارى كانوا يقصدون إهانتها مقابلة لليهود الذين يصلون إليها فأمر عمر رضي الله عنه بإزالة النجاسة عنها وقال لكعب الأحبار: أين ترى أن نبني مصلى المسلمين؟ فقال: خلف الصخرة فقال: يابن اليهودية خالطتك يهودية على أبنيه أمامها فإن لنا صدور المساجد ولهذا كان أئمة الأمة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصلاة في المصلى الذي بناه عمر، وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه صلى في محراب داود. وأما الصخرة فلم يصل عندها عمر رضي الله عنه ولا الصحابة ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد ومروان ولكن لما تولى ابنه عبد الملك الشام وقع بينه وبين ابن الزبير الفتنة وكان الناس يحجون فيجتمعون بابن الزبير فأراد عبد الملك أن يصرف الناس عن ابن الزبير فبنى

<<  <   >  >>