"الرايات"، وليحذر مما تجلبه من التخيلات، أو الاعتقادات الفاسدات، وليجنب المسجد من مثلها من الزيادات المضرات.
وأذكرني أيضًا ما حكى لي قيم المقام الداودي في بيت المقدس أن هذا المقام لم يكن له أثر في العصر المتقدم ولكن أحد أجداده رأى رؤيا تشير إلى أن ههنا قبر داود عليه السلام فأصبح وطفق يهتم في تحجيره وساعده من كان يعتقد رأيه حتى خط مكان القبر الذي دلّ عليه في الرؤيا وبنى حوله مسجدًا صغيرًا وبقي كذلك إلى أن اشتهر وصارت لهذا المكان مرتبات سلطانية من بيت المال فهذا مجمل ما حكى لي "وليقس ما لم يقل".
٨- التمسح بالأعلام أو الحيطان في المسجد:
لا يتمسح بشيء إلا الحجر الأسود -كما في كتب الفروع وما عداه فلا يستحب التمسح به إذ لم يستحبه أحد من الأئمة قط. والتمسح الذي حدث في القرون الأخيرة أصله من أهل الكتاب كما بينه الغزالي في الإحياء فهو من التشبه بهم المنهي عنه. ومن أغرب الغريب في هذا الباب ما أخبرت به -وما كنت أظن وقوعه ولا أن عاقلًا يفعله- وذلك اتخاذ موسم وعيد لكسوة أحد مشايخ الطرق في القرن الماضي وجبته. وذلك الموسم ميعاده ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، يجتمع في دار أحد حفدة ذلك الشيخ أو حفدة خلفائه جمع كبير يدعون له كثيرًا من أهل الرسوم والمتعالمين والمتفقهة فيحضرون في تلك الدار وبعد أن يدار الذكر المعروف على طريقة ذلك الشيخ -والكل متحلقون حول صاحب الحفلة المتوج بطبزة كبيرة- وينتهي وقته يقوم المحتفل بهم ويأتي بجبة ذلك الشيخ المنتمي إليه وطبزته ويعرضها على الجالسين مرتبًا. فكل منهم ينزع عمامته ويضعها أمامه ويلبس تلك الطبزة من فوقها الجبة ويقرأ ما يقرأ مخمرًا بها وجهه ويتمسح بها ويدلك بها وجهه ويلصقها ببدنه ثم