يعطيها لمن بجانبه وهكذا إلى أن يتم الجمع وينفض المجلس وهم معتقدون أنهم حازوا تمام البركات والخيرات وأن تلك اللبسة من أسعد الحالات.
فانظر عافاك الله هذا الحال واعرضه على عصور السلف والخلفاء الراشدين عليهم الرضوان هل تجد في تاريخ ما، ولو في رواية موضوعة، أن أحدًا منهم جمع ناسًا على جبة تابعي أو صحابي أو أثر نبي أو شهيد؟ كلا ما السبب؟ لا يخفى أن السبب هو العلم أعني علم حقيقة الدين وذوق أصول اليقين والاعتماد على رب العالمين والقيام بمجاهدة النفس وإصلاح العلم والعمل حتى إذا لبس ثياب العلم من ليس منه، بل ولا يعرفه العلم ونسي العهد النبوي وتصدر كل دعي في الفضل أضحى يخترع لأتباعه البسطاء -والعامة أتباع كل ناعق- ما شاء وشاء الهوى حتى إذا ائتلفتها النفوس ومضت عليها السنون وشب عليها الصغير وشاب عليه الكبير ظن أنها من الأصول الصحيحة والطاعات الرجيحة ولا نبية يزجر ولا فقيه ينكر اللهم إلا بقية ربما كان الضعف يقعدهم وخوف سيطرت أهل الفخفخة يثبطهم لا تبلغ شكواهم ما وراء جدرانهم. هذا أصل الحال فانظر ما يتولد عن البدع وما يتفرغ عنها. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
٩- لجأ اليتامى والرجال والبؤساء إلى أواوين المساجد:
قل أن يدخل المرء مسجدًا شهيرًا في محلته إلا ويرى في إيوانه عند الصباح غلمانًا أو غلامًا رث اللباس مستنقع السحنة ويكون يتيمًا لا مأوى له يأوي إليه ولا سند يعتمد عليه. وقد يجد في فناء بعض المساجد من هؤلاء البؤساء اليتامى زمرة ينامون ليلًا في العراء على سطح الأرض وقد اتخذوا الحجارة مسندًا لرءوسهم والتحفوا السماء فمنهم من يضطجع على جنبه ويجمع رأسه إلى رجليه كما تفعل الكلاب أمام النار، ومنهم من ينضم إلى رفيقه تخفيفًا لألم البرد كما