التعبد حق معرفته ظنوا أن القصد أداء هذه الوظيفة في المسجد فحسب تعيشًا منها وإن هذا هو المطلوب منهم وما وراءه من عبادة الله وخشيته والأدب في بيته لا يعلمونه ولا يريدون أن يعلموه سيما وأكثرهم من الجهل على ما رأيت مع تعاسة الحال تحت ألم الفقر المدقع والجهل المركب فإنا لله. فما أحراهم أن يتنبهوا ويتعلموا ويتفقهوا في الدين ويخرجوا من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة أرشدهم الله وأصلح حالهم.
١٥- الرغبة عن إيقاد زيت الغاز إلى الزيت البلدي:
يعلم كل ذي بصر وبصيرة ما لهذا الزيت الغاز المعروف المجلوب من البلاد الأجنبية من قوة الضوء وزيادة النور في المكان بحيث إذا أراد المرء أن يقابل بينه وبين ضوء الزيت البلدي أو الشمع يجد بونًا ظاهرًا. ولما نشأ أبناء هذا العصر على زيت الغار وشبوا عليه وشابوا أصبحوا يكرهون أن يوجد مكان ينار بالزيت البلدي لقلة ضوئه المتعب للبصر والمظلم لزوايا المكان والمغم للقلب أمر بديهي لا ينكر. رأيت أيام رحلتي للقدس أن منير قناديله يتعانى في إنارتها زمنًا طويلًا ولا يفيد نورها الضياء المطلوب في مثله والذي جرت به العادة في غيره من البلاد، فسألته لما لا تنيرون بزيت الغاز فقال إنه رخيص الثمن والمسجد الأقصى غني بأوقافه والزيت البلدي أغلى ثمنًا فلا يعدلون عنه إلى الغاز. فقلت: أليس لنظاره نظر صحيح حتى يجدوا التفاوت بينه وبين الزيت البلدي، ألا ترى ظلمة المسجد في زواياه وأطرافه وقلة ضياء قناديله والعناء في إيقادها في حصة طويلة، أو لا يعلمون أن هذا العصر غير العصر السالف، وكلاما نحو هذا. فقال: هكذا يأمروني. فعجبت وعلمت أن التقاليد القديمة والأفكار المنحرفة سائرة في معظم الجهات ولو أنير هذا المسجد بالغاز ووفر ما يبقى من موازنته مع الزيت البلدي ورد إلى تحسينه لكان أولى. نبههم الله وهداهم إليه.