للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو من الفقه بمكان وفيه جمع بين من يقول من المحدثين وبقية فقهاء المذاهب الأخر أنها بدعة ينبغي تركها فيسعى بمنع خير للفقراء١ وبين من يديرها على الكيفية المعروفة ويرى أنها لا تجزئ إلا كذلك مما يدل على جمود، على التقليد البحث للمقلدين لأنها لم ترد عن إمام متبوع، وقد اتفقوا على أنه لا يقلد المقلد. وبالجملة فينبغي إلحاقها بالزكوات ومراعاة آداب أدائها فيها، والله الهادي.

٣٠- قيام بعض المدرسين أو السامعين لبعض القادمين:

يحتفل في كثير من المساجد بمجامع علمية حديثية أو تفسيرية، فيتحلق السامعون حول المدرس حسب العادة، فيتفق أن يأتي لحضور هذا الدرس أمير أو وزير أو قاص أو عالم كبير، فربما يقوم المدرس أو بعض من حضر ويرى ذلك إكرامًا ضروريًّا. والحال أن القيام حالتئذ من السخافة والطيش بمكان إذ يدل على عدم معرفة القائم بأدب الدرس، وأدب الدرس كأدب النفس ومن الواجب تعلمه كما تقرر في موضعه من كتب الآداب. ولا ننكر أن القيام من الإكرام٢، ولكن لا في كل مكان. أرأيت لو اصطفت الناس للصلاة ودخل أمير أو وزير فهل يخطر ببال أحد أن يقوم له إذا رآه؟ ٣ كلا وما ذاك


١ قلت: الخير ينبغي أن يقدم إلى الفقراء من طريق شرعه الله تعالى، لا من طريق كهذه التي لا يعرفها السلف. والخير كله في اتباعهم، وعجيب من المصنف رحمه الله تعالى أن يستحسن مثل هذه البدعة، وما أتي المبتدعة إلا من مثل هذا الاستحسان. "ناصر الدين".
٢ قلت: لو كان كذلك، لكان معروفًا عند الصحابة الكرام، ولا سيما مع سيد البشر عليه الصلاة والسلام، فإنه أحق الناس بالإكرام، ولكنهم مع ذلك لم يكونوا يقومون له صلى الله عليه وسلم كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك". رواه أحمد وغيره بسند صحيح.
٣ كذا الأصل، ولا تخلو العبارة من شيء، فإن الناس الذين اصطفوا للصلاة، إنما هو قيام، فكيف يقال فيهم: فهل يخطر ببال أحد أن يقوم؟ فالظاهر أن المؤلف يعني بقوله: "اصطفت الناس للصلاة" أي استعدوا وهم جلوس للاصطفاف. "ناصر الدين".

<<  <   >  >>