للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسالة بديعة في بابها لا يرد عليها إلا جاهل لا يقام له وزن. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل١.

٣٣- قراءة البخاري لنازلة الوباء والحرب ونحوها:

نقل القسطلاني رحمه الله تعالى شارح البخاري في مقدمة شرحه عن الشيخ أبي محمد بن عبد الله بن أبي جمرة قال: قال لي من لقيت من العارفين عمن لقيه من السادة المقر لهم بالفضل: إن صحيح البخاري ما قرئ في شدة إلا فرجت ولا ركب به في مركب فغرقت. ا. هـ. وقد جرى على العمل بذلك كثير من رؤساء العلم ومقدمي الأعيان إذا ألم بالبلاد نازلة مهمة فيوزعون أجزاء الصحيح على العلماء والطلبة ويعينون للختام يومًا يفدون فيه لمثل الجامع الأموي إمام المقام


١ قلت: والحق أقول: إن ابن عابدين وإن كان من المقلدين، فإنه لم يتعصب في هذه الرسالة، إلا لما أفادته أدلة الكتاب والسنة، ومن وجوب الإخلاص لله تعالى في العبادة، وهو ينافي أخذ الأجرة عليها والتهليل والذكر فيها، فهو حصر الرسالة في بيان حكم أخذ الأجرة عليها، ولم يستدل لذلك بالفرع الفقهي كما قد يشعر بذلك كلام المصنف رحمه الله تعالى. وإنما استدل ببعض الأحاديث الصريحة في تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن والاكتساب به، وقد خرجت بعضها في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" "٢٥٩، ٢٦٠" وتحريم أخذ الأجرة على تلاوة القرآن والتهاليل ينبغي أن يكون موضع اتفاق بين أهل العلم؛ لأن إباحتها ينافي المقطوع به من وجوب الإخلاص لله فيها؛ إذ لا يعقل أن يجتمع الإخلاص والرغبة في الأجرة في عبادة ما، ولذلك قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} . على أن ابن عادين رحمه الله لم يفته التنديد بأولئك المحرفين للذكر والتهليل فقال "ص٢٩": "مع قطع النظر عما يكون كثيرًا في حالة الذكر، المطلوب فيه جمع الفكر، فما يسمونه بالسماع والكوشت والحربية، ونحو ذلك مما يراعون فيه الأعمال الموسيقية، المشتمل على التلحين والتمطيط والرقص والاضطراب والاجتماع بحسان المرد، والغناء المحرم المهيج لشهوات الشباب، فإن ذلك قد نص أئمتنا الثقات على أنه من المحرمات فقد أقاموا الطامة الكبرى على فاعليها وصرحوا بكفر مستلحها". "ناصر الدين".

<<  <   >  >>