اليحيوي في دمشق وفي غيرها كما يراه مقدموها وهذا العمل ورثه جيل عن جيل منذ انتشار ذاك القول، وتحسين الظن بقائله. بل كان ينتدب بعض المقدمين إلى قراءته موزعًا ثم ختمه اجتماعًا لمرض والي بلدة أو عظيم من عظمائها مجانًا أو بجائزة، بل قد يستأجر من يقرؤه لخلاص وجيه من سجن أو شفائه من مرض على النحو المتقدم تقليدًا لمن مضى. وكان يوجد من المتقدمين من ينكر ذلك بقلبه أو يشافه به خاصته. ثم كتب أحد الفضلاء الأزهريين في جمادى الثانية سنة "١٣٢٠" لإحدى المجلات العلمية في مصر انتقادًا على هذه الحالة بما شفى صدور الناقمين على البدع فنشرتها عنه وهاكها بحروفها تحت عنوان "بماذا دفع العلماء نازلة الوباء": دفعوها يوم الأحد الماضي في الجامع الأزهر بقراءة متن البخاري موزعًا كراريس على العلماء وكبار المرشحين للتدريس في نحو ساعة جريا على عادتهم من إعداد هذا المتن أو السلاح الحبري لكشف الخطوب وتفريج الكروب فهو يقوم عندهم في الحرب مقام الحيطة الصحية وعقاقير الأطباء، وفي البيوت مقام الخفراء والشرطة وعلى كل حال فهو مستنزل الرحمات ومستقر البركات. ولما كان العلماء أهل الذكر والله يقول:{فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} فقد جئت أسألهم بلسان كثير من المسترشدين عن مأخذ هذا الدواء من كتاب الله أو صحيح سنة رسول الله أو رأي مستدل عليه لأحد المجتهدين الذين يقلدونهم إن كانوا قد أتوا هذا العمل على أنه ديني داخل في دائرة المأمور به وإلا فعن أي حذاق الأطباء تلقوه ليتبين للناس منه أو من مؤلفاته عمل تلاوة متن البخاري في درء الهيضة عن الأمة، وإن هذا داخل في نواميس الفطرة أو خارج عنها خارق لها، وإذا كان هذا السر العجيب جاء من جهة أن المقروء حديث نبوي فلم خص بهذه المزية مؤلف البخاري وَلِمَ لَمْ يجز في هذا موطأ مالك وهو أعلى كعبًا وأعرق نسبًا وأغرز علمًا ولا يزال مذهبه حيًّا مشهورًا، وإذا جروا على أن الأمر من وراء الأسباب فلم لا يقرؤه العلماء لدفع ألم الجوع