للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من هذا أن غيره يعلم بنيته بقرائن الأحوال فإنه إذا رأى إنسانًا جالسًا في الصف في وقت الصلاة عند اجتماع الناس علم أنه ينتظر الصلاة، وإذا رآه قد قام عند إقامتها ونهوض الناس إليها علم أنه إنما قام ليصلي، فإن تقدم بين يدي المأمومين علم أنه يريد إمامتهم، فإن رآه في الصف علم أنه يريد الائتمام "قال" فإذا كان غيره يعلم نيته الباطنة بما ظهر من قرائن الأحوال فكيف يجهلها من نفسه مع اطلاعه هو على باطنه، فقبوله من الشيطان أنه ما نوى تصديق له في جحد العيان وإنكار الحقائق المعلومة يقينًا ومخالفة للشرع ورغبة عن السنة وعن طريق الصحابة ثم إن النية الحاصلة لا يمكن تحصيلها والموجودة لا يمكن إيجادها لأن من شرط إيجاد الشيء كونه معدومًا فإن إيجاد الموجود محال، وإذا كان كذلك فما يحصل له بوقوفه شيء ولو وقف ألف عام، ومن العجب أنه يتوسوس حال قيامه حتى يركع الإمام فإذا خشي فوات الركوع كبر سريعًا وأدركه فمن لم يحصل النية في الوقوف الطويل حال فراغ باله كيف يحصلها في الوقت الضيق مع شغل باله بفوات الركعة "ثم قال": قال شيخنا -يعني التقي ابن تيمية عليه الرحمة- ومن هؤلاء من يأتي بعشر بدع لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه واحدة منها فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم نويت أصلي صلاة الظهر فريضة الوقت أداءً لله تعالى إمامًا أو مأمومًا أربع ركعات مستقبل القبلة ثم يزعج أعضاءه ويحني جبهته ويقيم عروق عنقه ويصرح بالتكبير كأنه يكبر على العدو فلو مكث أحدهم عمر نوح عليه السلام يفتش هل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحد من أصحابه شيئًا من ذلك لما ظفر به إلا أن يجاهر بالكذب البحت، فلو كان في هذا خير لسبقونا إليه ولدلونا عليه فإن كان هذا هدى فقد ضلوا عنه، وإن كان الذي كانوا عليه هو الهدى والحق فماذا بعد الحق إلا الضلال.

"ومن أصناف الوسواس" ما يفسد الصلاة، مثل تكرير بعض الكلمة، كقوله في التحيات أت أت التحي التحي وفي السلام أس أس وفي التكبير أكككبر ونحو ذلك فهذا الظاهر بطلان الصلاة به وربما كان إماما فأفسد

<<  <   >  >>