للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما قاله هؤلاء الأئمة ظاهر لا شك فيه إذ لا يشك عاقل في أن هذا الفعل المذكور مناقض لمقصود الشارع من مشروعية صلاة الجماعة وهو اجتماع المسلمين وأن تعود بركة بعضهم على بعض وأن لا يؤدي ذلك إلى تفرق الكلمة، ولم يسمح الشارع بتفريق الجماعة بإمامين عند الضرورة الشديدة وهو حضور القتال مع عدو الدين بل أمر بقسم الجماعة وصلاتهم بإمام واحد وقد أمر الله سبحانه وتعالى بهدم مسجد الضرار لما اتخذ لتفريق الجماعة، وكان بعض الشيوخ يقول: فعل هؤلاء الأئمة في تفريق الجماعة يشبه فعل أهل مسجد الضرار، وقال القاضي أبو الوليد بن رشد: الجماعة إذا كانت بموضع فلا يجوز لها أن تتفرق طائفتين فتصلي كل طائفة منها على حدة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} ثم نقل ما روى المنذر في الترغيب والترهيب في وعيد المحدثات. منها حديث العرباض وفيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "وأنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" ١ رواه أبو داود وغيره. ومنها حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رغب عن سنتي فليس مني" ٢ رواه مسلم. ومنها حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع بدعته"٣ ومن المعلوم بالتواتر والضرورة أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين اتحاد الجماعة في الصلوات الخمس فتعددها فيها بدعة شنيعة وضلالة فظيعة وفي الصحيح "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية لمسلم "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" ٤ والله أعلم. انتهى كلام الشيخ عليش ملخصًا.


١ حديث صحيح، وهو مخرج في "تخريج الطحاوية" "٣٦٩" و"الأرواء" "٢٥٢١".
٢ وأخرجه البخاري أيضًا. راجع المصدر المتقدم آنفًا "١٨٠٨".
٣ ضعيف كما تقدم "٦٣".
٤ تقدم "٤".

<<  <   >  >>