للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبهذه المناسبة تذكر "لما" التي سبقت الإشارة إليها١، وهي التي تماثل "إلا" في الحرفية، وفي الدلالة على الاستثناء، ولكنها لا تدخل إلا على جملة اسمية؛ كقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} ، في قراءة من شدد الميم، واعتبر "إن" التي في صدر الجملة، نافية أو على جملة فعلية ماضوية لفظًا لا معنى؛ "بأن يكون الفعل ماضيًا في لفظه، مستقبلًا في معناه"، نحو: أنشدك الله لما فعلت، أي: أنشدك بالله، وأستحلفك به إلا فعلت، والمعنى: ما أسألك إلا فعلك؛ على تقدير: إلا أن تفعل كذا ... ؛ ليكون الفعل الماضي مستقبل الزمن؛ تطبيقًا لما تقرر من أن الماضي الذي يليها يكون ماضيًا في لفظه، مستقبلًا في معناه٢ وسيجيء٣ تفصيل الكلام على جواب القسم، وأنواعه، وأحكامه.

ب نعود لذكر ما قرره النحاة خاصًا بتقديم المستثنى بالإ، قالوا: لا يصح مطلقًا تقديمه وحده عليها٤، ولا يجوز أن يتقدم على المستثنى منه، وعلى عامله


= ليتأتى التفريغ، والفعل مع فاعله مؤول بالمصدر ليأتي فيه المفعولية ... فإن قام الاعتراض بأن تأويل الفعل مع فاعله بالمصدر من غير سابك هو تأويل شاذ غير قياسي، وأنه مقصور على ما ورد السماع به من مثل: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"، كان دفع الاعتراض بأن تأويل الفعل بالمصدر من غير سابك أمر قياسي في بعض الحالات، كالتي نحن فيها، دون بعض؛ فيحكم عليه بالشذوذ في كل باب لم يطرد فيه السبك عن العرب، إما إذا اطرد السبك في باب واستمر فيه؛ فإنه لا يكون شاذًا؛ كالأساليب التي نحن بصددها حيث التزمت فيها العرب ذلك النسق، وكإضافة بعض أسماء الزمان إلى الجملة في مثل: جئت حين ركب الأمير، أي: في حين ركوب الأمير، وفي مثل قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} ، أي: يوم نفع الصادقين ... فهذا وأمثاله مطرد، ومثل: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، فإنك إذا نصبت "تشرب"، فإنما تنصبه بأن مضمرة؛ فيصير اسمًا معطوفًا في الظاهر على فعل، وهذا العطف ممتنع إلا عند التأويل؛ فيحتاج إلى أن تتصيد من الفعل "يأكل" مصدرًا من غير سابك كأن تقول مثلًا: لا يكن منك أكل السمك وشرب اللبن، ولا يعد هذا شاذًا، لاطراده في بابه، وكذلك مثل: سواء علي أقمت أم قعدت، أي: قيامك وقعودك، فهذا مؤول بالمصدر بدون أداة سبك؛ لاطراده في باب التسوية ... ا. هـ، الملخص.
١ في رقم ٣ من هامش ص ٣١٩، وتجيء لها إشارة أيضًا في: "د" من ص ٣٦١.
٢ راجع الأشموني والصبان ج ٤ أول باب: "الجوازم" عند الكلام على: "لما" الجازمة.
٣ في ص ٤٩٨.
٤ كما سبق في رقم ١ من هامش ص ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>