للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة ٧٢]

تعدد المفعول به، وما يتبع هذا من ترتيب١، وحذف

عرفنا أن الفعل المتعدي قد يتعدى -مباشرة- إلى مفعول به واحد٢؛ نحو: عدل الحاكم يكفل السعادة للمحكومين، أو إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، نحو: رأيت الظلم أقرب طريق للخراب، أو ليس أصلهما المبتدأ والخبر؛ نحو: منعت النفس التسرع في الرأي، وقد ينصب ثلاثة؛ نحو علمني العقل: الاعتدال وافيًا من البلاء ... ولا يتعدى الفعل لأكثر من ثلاثة.

أ- فإن كان الفعل متعديًا لاثنين أصلهما المبتدأ والخبر جاز مراعاة هذا الأصل في ترتيبهما، فيتقدم المفعول به الذي أصله المبتدأ على المفعول به الذي أصله الخبر؛ - ففي مثل "الصبر أنفع في الشدائد ... " يجوز: حسبت الصبر أنفع في الشديد، كما يجوز: حسبت أنفع في الشدائد الصبر، لكن مراعاة الأصل أحسن.

وقد تجب مراعاة الأصل في المواضع التي يجب فيها تقديم المبتدأ على الخبر٣، كأن يؤدي عدم الترتيب إلى الوقوع في اللبس؛ ففي نحو: خالد محمود ... "والمراد: خالد كمحمود" نقول: ظننت خالدًا محمودًا؛ فلو تقدم الثاني لاختلط الأمر والتبس؛ إذ لا يمكن تميز المشبه من المشبه به؛ لعدم وجود قرينة تساعد على هذا؛ فيكون التقديم بمراعاة الأصل هو القرينة.

وقد تجب مخالفة الأصل؛ فيتقدم المفعول الثاني في المواضع التي يجب فيها تقديم الخبر على المبتدأ٤؛ كأن يكون في المفعول الأول ضمير يعود على الثاني؛ نحو: ظننت في البيت٥ صاحبه.


١و ٢ سبق -في ص٨٦- حكم "المفعول به" الواحد من ناحيتي تقدمه وتأخره في الجملة "أي: من ناحية ترتيبيه فيها".
٣ و٤ وقد سبق البيان في بابهما بالجزء الأول م٣٧ ص٦١.
٥ سبق في "ص٢٤ من باب "ظن وأخواتها"" أن المفعول الثاني للأفعال القلبية يجوز أن يكون جملة، وأن يكون شبه جملة، كالمثال المذكور هنا، وقد وجب فيه التقديم على المفعول الأول كي لا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وهذا ممنوع إلا في مواضع أخرى محدودة، ليس منها هذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>