للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجلد الرابع]

[المسألة ١٢٧: النداء وما يتصل بأحكامه]

[مدخل]

...

المسألة ١٢٧: النداء ١ وكل ما يتصل بأحكامه

هو: توجيه الدعوة إلى المخاطب، وتنبيه للإصغاء، وسماع ما يريده المتكلم٢.

وأشهر حروفه ثمانية: الهمزة المفتوحة، مقصورة أو ممدودة - يا - أيا - هيا - أي، مفتوحة الهمزة المقصورة أو الممدودة، مع سكون الياء في الحالتين - وا - ... ٣.

ولكل حرف منها موضع يستعمل فيها:

أ- فالهمزة المفتوحة المقصورة لاستدعاء المخاطب القريب٤ في المكان الحسي أو المعنوي؛ كالتي في قول الشاعر ينصح ابنه أسيدا:

أأسيد إنْ مالا ملكـ ... ـت فسر به سيرا جميلا

وكالتي في قول الآخر: أرب الكون: ما أعظم قدرتك، وأجل شأنك.

ب- ستة أخرى؛ "هي: آ - يا٤ - أيا - هيا - أي، بسكون الياء مع


١ في هذه الكلمة لغات؛ أشهرها: المد مع كسر النون. وهي مصدر قياسي للفعل: "نادى" ويجوز فيها القصر أيضا. وقد ورد السماع بضم النون مع المد أو القصر، والهمزة التي في آخر كلمة: "نداء" أصلها الواو؛ فهي منقلبة عن أصل.
٢ ويقولون في تعريفه أيضا: "طلب الإقبال بالحرف: "يا" أو أحد إخوته، والإقبال قد يكون حقيقيا، وقد يكون مجازيا يراد به الاستجابة، كما في نحو: "يا ألله". وقد يكون الغرض من النداء تقوية المعنى وتوكيده، كقولك لمن هو مصغ إليك، مقبل على حديثك: إن الأمر هو ما فعلته لك يا علي -مثلا- "كما سيجيء في ص١٢٢".
والأصل في المنادى أن يكون اسما لعاقل، ولكن من الأسماء ما لا يكون إلا منادى، ومنها لا يصلح منادى -كما سيجيء في ص٦٨.
٣ فالهمزة مقصورة وممدودة؛ وكذا "أي" مقصورة الهمزة وممدودتها. وبقية الأحرف ممدودة؛ لأنها مختومة بالألف. والبعيد يحتاج إلى مد الصوت ليسمع، ولهذا يرى بعض النحاة أن "أي" المقصورة هي لنداء القريب.
٤، ٤ قد يقال: كيف تكون "ياء" في أصل وضعها اللغوي الحقيقي -لا المجازي- لنداء البعيد مع أنها قد استعملت لنداء "الله" في أفصح الكلام، والله أقرب شيء للمتكلم -وغيره- في كل حين؟ أجابوا: إن المتكلم الذي ينادي ربه يستصغر نفسه أمام المولى ويرى البعد الواسع بين المنزلتين؛ منزلة الخالق ومنزلة المخلوق، والتفاوت العظيم بين الدرجتين، فلهذا يستخدم الحرف "يا" وأجاب آخرون: إنها تستعمل في القريب والبعيد، ودعوى المجاز في أحدهما والتأويل خلاف الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>