للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية والخمسون: فتح همزة: "إن"، وكسرها]

لهمزة "إنّ" ثلاثة أحوال، وجوب الفتح، ووجوب الكسر، وجواز الأمرين.

الحالة الأولى:

يجب فتحها فى موضع واحد، هو: أن تقع مع معموليها جزءا من جملة مفتقرة إلى اسم مرفوع، أومنصوب، أومجرور، ولا سبيل للحصول على ذلك الاسم إلا من طريق مصدر منسبك من "أنّ" مع معموليها. ففى مثل: شاع أن المعادنَ كثيرةٌ فى بلادنا. سرنى أنك بارٌّ بأهلك - لا نجد فاعلا للفعل: "شاع" ولا للفعل: "سَرَّ" مع حاجة كل فعل للفاعل، ولا وسيلة للوصول إليه إلا بسبك مصدر مؤول من: "أنّ" مع معموليها؛ فيكون التقدير: شاع كثرةُ المعادِن فى بلادنا - سرنى برُّك بأهلك١ وكذلك الفعل: "زاد" فى قول القائل:

لقد زادنى حُبًّا لنفْسِىَ أننى ... بغيضٌ إلىّ كل امرئٍ غير طائلِ

وفى مثل: عرفت أن المدن مزدحمة - سمعت أن البحار ممتلئةً بالأحياء ... نجد الفعل: "عرف" محتاجاً لمفعول به، وكذلك الفعل: "سمع". فأين المفعولان؟ لا نتوصل إليهما إلا بسبك مصدر مؤول من: "أن" مع معموليها؛ فيكون التقدير: عرفت ازدحامَ المدنِ - سمعت امتلاءَ البحارِ بالأحياء.

وفى مثل: تألمت من أن الصديقَ مريضٌ - فرحت بأن العربىَّ مخلصٌ للعروبة ... ، نجد حرف الجر: "مِنْ" ليس له مجرور، وكذلك حرف الجر: "الباء" وهذا غيرُ جائز فى العربية. فلا مفر من أن يكون المصدر المنسبك من "أنّ" مع معموليها فى الجملة الأولى هوالمجرور بالحرف: "منْ" وفى الجملة الثانية هوالمجرور "بالباء". والتقدير: تألمت من مرضِ الصديقِ - وفرِحتُ بإخلاص


١ المصدر الذي تقدر به "أن" مع معموليها هو المصدر الصريح المأخوذ إما من خبرها إن كان اسما مشتقا، أو فعلا متصرفا، وإما من الاستقرار والوجود إن كان الخبر ظرفا وجارا مع مجروره، وإما هو الكون المضاف لاسمها إن كان الخبر جامدا. وتفصيل هذا وإيضاحه قد سبق في "ب" من باب: الموصول" ص ٤١٤.
٢ رجل غير طائل: حقير خسيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>