للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة ١٦٧: التأريخ ١ بالليالي والأيام

التأريخ: تقييد الحوادث والأمور الجارية، بزمن معين مشهور، بحيث ترتبط به، وتنتسب إليه؛ سواء أكانت قد وقعت وتحققت فيه أم موقعت وتحققت في زمن آخر.

وهو ضروري لضبط شئون الفرد، وتنظيم حياته الخاصة والعامة، وضروري كذلك لضبط شئون الجماعات "دولا وأمما" وما يكون بينها من معاملات، ومنذ وجد الإنسان وهو يستعين بالتأريخ وحوادثه؛ ليرشده، ويذكره. ويعينه على كشف أكثر الحقائق والوقائع التي يبغي الاهتداء إلى زمنها، ونتائجها، ولكل فرد طرييقته التي يختارها لنفسه خاصة، ويراها أنسب له، وأكثر ملاءمة، غير أن الجماعات قد اتفقت كلمتها على أن تختار كل منها مبدأ زمنيا تؤرخ به شئونها العامة، ويرجع إليه أفرادها في شؤونهم المشتركة بينهم. ولكل فرد بعد ذلك أن يرجع إليه أو إلى غيره في شؤونه الخاصة به. والعرب من هؤلاء؛ فقد اختاروا بعد الإسلام حادث الهجرة مبدأ زمنيا لتسجيل الحوادث وتاريخها، وسموا هذا المبدأ: "التاريخ الهجري"٢ وساروا فيه على أسلوب مأثور عنهم؛ فإذا وقع حادث ما سجلوه بطريقتهم قولا أو كتابة، وأرخوه بالليالي لسبقها في


١ يقال: التأريخ -بالهمزة- والتاريخ بدونها، كما يقال أيضا: التوريخ، وهذا مصدر الفعل: ورخ. توريخا، أما الأولان فمصدران لأرخ. ويعرفه صاحب الهمع "ج٢ ص١٥٢" بأنه: "عدم الأيام والليالي بالنظر إلى ما مضى من السنة، والشهر، وما بقي".
٢ يقول الصبان في آخر باب العدد، ما نصه: "كانت العرب تؤرخ بالخصب، وبالعامل "أي: الوالي الحاكم عليهم" وبالأمر المشهور. ولم يزالوا كذلك حتى فتح عمر بلاد العجم؛ فذكر له أمر التاريخ -وكان شائعا عند الفرس، فاستحسنه هو وغيره. ثم اختلفوا "في بدئه" فقال بعضهم: من البعثة. وقال قوم: من وفاة الرسول. ثم أجمعوا على الهجرة، ثم اختلفوا بأي شهر يبدءون؟ فقال بعضهم: رمضان، وبعضهم: رجب، وبعضهم: ذي الحجة. ثم اجمعوا على المحرم؛ لأنه شهر حرام، ومنصرف الناس من الحج. فرأس التاريخ قبل الهجرة بشهرين، واثنتي عشرة ليلة؛ قدومه عليه السلام المدينة كان يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، وقيل: المؤرخ بالهجرة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما بسط السيوطي، في كتابه "الشماريخ" في علم التاريخ". ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>