للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسابهم؛ إذ الشهور المعتمدة عندهم قمرية، وأول الشهر القمري ليلة، وآخره نهار، فإذا أراد أحدهم أن يؤرخ للحاديث الذي وقع في أول الشهر الهجري -ككتابة رسالة، مثلا- قال: كتبت لأول ليلة منه، "أي؛ في أول ليلة" أو لغرته، أو مستهلة. فإذا انتهت الليلة الأولى قال: كتبت لليلة خلت، ثم لليلتين خلتا، ثم لثلاث خلون ... إلى أن تنتهي عشر ليال ثم يقول: لإحدى عشرة خلت، أو لاثنتى عشرة ... إلى أن تجيء ليلة النصف فيقول: كتبت للنصف منه، أو لمنتصفه، أو لانتصافه، ويصح أن يقول: لخمس عشرة خلت، أو بقيت، "أي: عند خمس عشرة" والأول أكثر شيوعا في كلام الفصحاء، ثم لأربع عشرة بقيت، إلى أول العشرين فيقول: لعشر بقين، أو لثمان بقين ... وهكذا إلى أن تبقى ليلة واحدة فيقول: لليلة بقيت، أو لسراره، أو سرره. فإن مضت وبقي نهار اليوم الأخير فإنه يقول: كتبت لآخر يوم منه، أو لسلخه أو انسلاخه، وقد يستعمل السلخ والانسلاخ لليلة الأخيرة أيضا. وإذا قال: لآخر ليلة منه أو آخر يوم منه كان هذا دليلا على أن الشهر القمري كاملا؛ أي: ثلاثين يوما، وليس من الشهور التي تنقص.

هذا ويصح وضع تاء التأنيث مكان نون النسوة والعكس في كل موضع يراد فيه التحدث على عدد مدلوله جمع لا يعقل؛ بأن يكون المعدود ثلاثة أو أكثر مما لا يعقل. ولكن اتباع الوضع الذي سردناه أفضل١.


١ سبب الأفضلية أن أكثر المسموع يكون بنون النسوة مع الثلاث والعشر، وما بينهما إذا كان المعدود دالا على جمع مؤنث لا يعقل؛ فيقال: ثلاث خلون، أو أربع خلون. وهكذا إلى عشر خلون. أما ما زاد على العشر إلى خمسة عشر فيقال فيه: خلت. وكل ما سبق فعلى سبيل الأولوية، وبغير ملاحظتها يصح وضع تاء التأنيث مكان النون. على أن تفصيل نون النسوة على الوجه السالف في الأساليب العددية هو الذي يساير مجيئها في جمع التكسير الدال على القلة، كما أن مجيء تاء التأنيث فيما زاد على العشر هو الذي يلائم مجيئها في جمع التكسير الدال على الكثرة، فالمعروف لغة أن نون النسوة أنسب مع جمع القلة للمؤنث الذي لا يعقل؛ نحو: رأيت أذرعا امتددن في الهواء، وهذا أفضل من: امتدت. كما أن المعروف أن تاء لتأنيث أنسب في جمع التكسير الدال على الكثرة للمؤنث غير العاقل؛ نحو: للوالد أياد غمرت أبناءه، وهذا أفضل من غمرن. فانطبق حكم كل جمع للتكسير على العدد الذي يدل دلالته على القلة أو الكثرة؛ فالعدد ثلاثة وعشرة وما بينهما يدل على القلة فالأنسب له نون النسوة. وهي -فوق ذلك- ملائمة لتمييزه الذي يكون في الأغلب جمعا. والعدد المركب يدل على الكثرة فالأنسب له تاء التأنيث في هذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>