فأما صيغ المصدر القياسية والسماعية؛ وطريقة صياغة القياسي منها، وأوزانها وكل ما يتصل بذلك -فله باب خاص أعده النحاة لذلك، بعنوان: "باب أبنية المصادر"- وقد سبق في ص١٨١ م٩٨- وأما تعريفه وإعماله وأحكماه فنعود الآن لبسط الكلام عليها. "ويلاحظ أن "اسم المصدر" مقصور على السماع". أ- فالمصدر الصريح الأصلي: "أي: غير المؤول، وغير الميمي، والصناعي، كما قدمنا في ص١٨١، وأشرنا إليه هنا" هو: "الاسم الذي يدل -في الغالب- على الحدث المجرد، ويشتمل على كل الحروف الأصلية والزائدة التي يشتمل عليها الفعل الماضي المأخوذ منه. وقد يشتمل هذا المصدر على أكثر منها دون أن يشتمل على الميم الزائدة في أوله، وهي التي يبتدئ بها "المصدر الميمي"، ودون أن يختم بالياء المشددة تليها تاء التأنيث "وهما الذان يختم بهما المصدر الصناعي". وهذا التعريف -وهو بمعنى التعريف الذي سبق في ص١٨١- يتضمن أمرين معًا أحدهما: يتعلق بدلالته المعنوية، والآخر: يتعلق بصيغته اللفظية. فأما من ناحية دلالته المعنوية فإنه يدل في الغالب على مجرد الحدث؛ أي: يدل على أمر معنوي محض، لا صلة له بزمان، ولا بمكان، ولا بذات، ولا بعلمية، ولا بتذكير، أو تأنيث، ولا بإفراد، أو تثنية، أو جمع أو غيره -إلا إن كان دالًّا على "مرة، أو هيئة" -كما سيجيء في ص٢٢٥. وأما من ناحية تكوينه اللفظي فلا بد أن يكون جامدًا مشتملًا على جميع حروف فعله الماضي، أو على أكثر منها -كما سبق وكما تجيء أمثلتها- ولا يمكن أن ينقص عنه في الحروف؛ خذ مثلًا المصدر: "تحسُّن" فإنه يدل على أمر عقلي محض، ندركه بعقولنا، ولا نستطيع أن نحسه بحاسة من حواسنا؛ إذ لا وجود لشيء في خارج عقولنا يقال له تحسن يمكننا أن نراه، أو نلمسه، أو نسمعه، أو نذوقه، أو نشمه؛ فليس له وجود مادي تقع عليه إحدى الحواس؛ وإنما وجوده محصور في الذهن وحده، وهذا معنى كونه حدثًا مجردًا أو أمرًا معنويًا محضًا، أو نحو هذا من الأسماء. ثم إن هذا اللفظ الجامد "هو: تحسن" لا يدل على زمن مطلقًا "ماضٍ أو حال أو مستقبل"، ولا يدل كذلك على مكان، ولا ذات "وهي: الجسم، أو: المادة المجسدة"، وليس علمًا على شيء خاص معين، يدل عليه كما يدل العلم على صاحبه، فكل أمره مقصور على الدلالة المعنوية السابقة. وهو إلى ذلك مشتمل على جميع حروف فعله الماضي: تحسَّنَ، ومن أجل هذا كله يسمى: "مصدرًا" لانطباق التعريف عليه. بخلاف المصدر المؤول؛ فإنه يدل على زمن، وغيره -كما سبق في جـ١ ص٣٠٢ م٢٩- ومما يزيد الأمر وضوحًا ما يأتي: