للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة ١٦٣: العدد]

[مدخل]

...

المسألة ١٦٣: العدد ١:

يشمل الكلام عليه ما يأتي:


١ أحكام هذا الباب كثيرة، والخلاف والتضارب فيها كثير كذلك. وما استخلصناه منها هو -في تقديرنا- أقواها حجة، وأوفرها شيوعا. ولم نعرضها مرتبة على حسب ترتيب أبيات ابن مالك، في: "ألفيته"، وإنما اخترنا ترتيبا آخر، لعله أنسب وأحسن. وقد اقتضى هذا ألا نذكر أبيات ابن مالك التي نسوقها لتأييد القاعدة مرتبة كما أوردها في "باب: العدد". على أنا تداركنا الأمر فذكرنا بجانب كل بيت رقمه الدال على ترتيبه الأصلي في الباب؛ ليعرف ترتيب الناظم لأبياته. ثم نعود فنذكره مرة أخرى في المكان الذي وضعته فيه: "الألفية" بين أبيات بابه؛ تنفيذا للمنهج العام الذي نسير عليه في هذا الشأن في جميع أجزاء الكتاب الأربعة.
ولم يترك القدماء كلمة: "العدد" من غير تعريف، مع وضوح معناها، وبداهة مدلولها؛ فجاء تعريفهم حاملا من الغموض والخفاء والإبهام ما يحمله كل تعريف للبديه، وكل توضيح للواضح. وقد يكون من المقبول أن نذكره. قالوا العدد: "هو ما وضع لكمية الآحاد -أي: الأفراد، وأن من خواصه مساواته لنصف مجموع حاشيتيه المتقابلتين"!!
يريدون بالمساواة: أن كل عدد، يحيط به طرفان؛ هما عدد قبله، وعدد بعده، ويسميان: "الحاشيتين". وأن مقدار العدد يساوي نصف مجموع الحاشيتين. ذلك لأن الحاشية التي قبله تنقص عنه بمقدار ما تزيد عليه الحاشية التي بعده. وهذا معنى التقابل بينهما. فالعدد "ثمانية" -مثلا- حاشيته العليا، أي: الكبرى، تسعة وحاشيته السفلى، أي: الصغرى، سبعة، فمجموعهما ستة عشر، وهما يحيطان به؛ فمقداره يساوي نصف مجموعهما. أي: أن ثمانية يساوي نصف مجموع السبعة والتسعة: ٨= "٧ + ٩/ ٢". والعدد "ستة" له حاشيتان؛ العليا: سبعة والسفلى: خمسة، ومقداره يساوي نصف مجموعهما معا. أي: أن ستة يساوي نصف مجموع السبعة والخمسة: ٦= "٧ + ٥/ ٢" وهكذا ... ولا حاجة بنا لشيء من هذا التعريف.
"ملاحظة": يكثر ألا يدل العدد بلفظه على معدود حسابي مضبوط، محصور في أفراد محددة إلا بقرينة من خارج لفظه تدل على الحصر والتحديد الحسابي الحقيقي؛ فمن يقول: "زرتك خمسين مرة" لا بقصد المعنى الحسابي الدقيق الذي يفهم من "خمسين" وإنما يذكر مجرد عدد حسابي يريد به المبالغة أو التقليل ... ، ما لم توجد قرينة على التحديد. لهذا قالوا ما نصه؛
"إن الأخبار -كما تقرر غير مرة- بعدد لا ينافي غيره". ا. هـ. راجع الشرقاوي على التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح ج١ باب بدء الأذان ص٥٦.
وعدم المنافاة مقصور حتما على الحالة الخالية من القرينة التي تحدد عدد المعدود تحديدا حسابيا مضبوطا -لا يحتمل سواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>