٢ للنحاة جدل عنيف في سبب رفع المضارع؛ أو التجرد -والتجرد علامة عدمية- أم هو حلوله محل الاسم، أو الزيادة التي في أوله ... أم ... ؟ إلى غير ذلك من آراء متعددة، لا يسلم واحد منها من اعتراضات مختلفة، ولا يقوى اعتراض منها على الثبات أمام الردود التي توجه إليه ... وهذه المعركة الجدلية الشاقة لا طائل وراءها. ومن إضاعة الوقت والجهد الوقوف عندها. أما حقيقة الأمر فهي أن العربي رفع المضارع الذي لم يسبقه ناصب ولا جازم، ونصبه أو جزمة إذا تقدمت الأداة الخاصة بهذا أو بذاك، وأن المحدثين تابعوا؟ وحاكوهم فيه، من غير أن يفكر العرب ولا المحدثون في عامل الرفع: أهو عدمي أم غير عدمي؟ ويقتضينا الجد ومتابعة ركب الحياة الحضرية بعلومها وفنونها أن نوجه الجهد -ولو كان يسيرا إلى جلائل الأمور. إن نظرية "العامل" التي ابتكرها النحاة نظرية بارعة عظيمة، ودليل نبوغ وعبقرية؛ وطالما امتدحناها ولم ننكر من أمرها إلا التعسف -بغير داع- في تطبيقها. وهذا هو العرض المعيب في جوهرها النفيس "كما أشرنا في ص٤٥ م٦ ج١. وفصلنا الكلام فيها". ونحن نكشف عنها هذا العرض في مناسبات مختلفة؛ ليصفر جوهرها، ويخلص معدنها الثمين ... ولهذا ندع الجدل هنا في سبب رفع المضارع.