للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة ١٤٨: إعراب الفعل المضارع]

[المدخل]

...

[المسألة ١٤٨: إعراب الفعل المضارع]

١- نواصبه:

الأفعال ثلاثة: "ماض، وأمر"، وهما مبنيان دائما. و"مضارع"، وهو معرب، إلا إذا اتصلت به اتصالا مباشرا "نون التوكيد؛ فيبنى على الفتح، أو "نون النسوة" فيبنى على السكون. وفي غير هاتين الحالتين يكون معربا١.

وهذا الإعراب يقتضي أن تتغير علامة آخره رفعا، ونصبا، وجزما، على حسب أحواله؛ فتكون العلامة ضمة، أو ما ينوب عنها، في حالة رفعه، وتكون فتحة، أو ما ينوب عنها، في حالة نصبه بناصب قبله، وتكون سكونا أو ما ينوب عنه في حالة جزمه بجازم قبله. وعلى هذا لا يرفع المضارع إلا في حالة واحدة؛ هي التي يتجرد٢ فيها من الناصب والجازم؛ فلا يسبقه شيء منها؛ سواء


١ سبق "في ج١ ص٤٤، ٥٠ م٦" تفصيل الكلام على معنى الإعراب والبناء، وأثرهما في الأفعال.. كما سبق هنا "في ص١٦٧ م١٤٣" الكلام على نوني التوكيد، وأحكامهما، وآثارهما، واتصالهما المباشر بالمضارع، وغير المباشر، ونتيجة كل ... أما نون النسوة فاتصالها به مباشر في كل حالاتها.
٢ للنحاة جدل عنيف في سبب رفع المضارع؛ أو التجرد -والتجرد علامة عدمية- أم هو حلوله محل الاسم، أو الزيادة التي في أوله ... أم ... ؟ إلى غير ذلك من آراء متعددة، لا يسلم واحد منها من اعتراضات مختلفة، ولا يقوى اعتراض منها على الثبات أمام الردود التي توجه إليه ... وهذه المعركة الجدلية الشاقة لا طائل وراءها. ومن إضاعة الوقت والجهد الوقوف عندها.
أما حقيقة الأمر فهي أن العربي رفع المضارع الذي لم يسبقه ناصب ولا جازم، ونصبه أو جزمة إذا تقدمت الأداة الخاصة بهذا أو بذاك، وأن المحدثين تابعوا؟ وحاكوهم فيه، من غير أن يفكر العرب ولا المحدثون في عامل الرفع: أهو عدمي أم غير عدمي؟ ويقتضينا الجد ومتابعة ركب الحياة الحضرية بعلومها وفنونها أن نوجه الجهد -ولو كان يسيرا إلى جلائل الأمور.
إن نظرية "العامل" التي ابتكرها النحاة نظرية بارعة عظيمة، ودليل نبوغ وعبقرية؛ وطالما امتدحناها ولم ننكر من أمرها إلا التعسف -بغير داع- في تطبيقها. وهذا هو العرض المعيب في جوهرها النفيس "كما أشرنا في ص٤٥ م٦ ج١. وفصلنا الكلام فيها". ونحن نكشف عنها هذا العرض في مناسبات مختلفة؛ ليصفر جوهرها، ويخلص معدنها الثمين ... ولهذا ندع الجدل هنا في سبب رفع المضارع.

<<  <  ج: ص:  >  >>