للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأحوال الترتيب بين المفعولين ثلاثة: حالة يجب فيها مراعاة الأصل بتقديم ما أصله المبتدأ وتأخير ما أصله الخبر، وحالة يجب فيها مخالفة هذا الأصل، وثالثة يجوز فيها الأمران، وقد تقدم هذا مفصلًا في موضعه الأنسب من باب: "ظن وأخواتها"١.

ب– إن لم يكن أصلهما المبتدأ والخبر، فالأحسن تقديم ما هو فاعل في المعنى على غيره؛ نحو: أعطيت الزائر وردة من الحديقة: "فالزائر" هو الآخذ، و"الوردة" هي المأخوذة؛ فهو في المعنى بمنزلة الفاعل؛ وهي بمنزلة المفعول به؛ وإن كانت هذه التسمية المعنوية لا يلتفت إليها في الإعراب.

ويجوز مخالفة الأصل؛ فيقال: أعطيت وردة من الحديقة الزائر، لكن الترتيب أحسن.

وقد يجب التزام الترتيب بتقديم الأول حتما وتأخير الثاني في مواضع، أشهرها ثلاثة:

١- خوف اللبس؛ نحو أعطيت محمودًا زميلًا في السفر، فلا يجوز تقديم الثاني؛ إذ لو تقدم لم يتبين الآخذ من المأخوذ، ولا قرينة تزيل هذا اللبس، ولا وسيلة لإزالته إلا بتقديم ما هو فاعل في المعنى على غيره؛ ليكون التقديم هو الدليل على أنه الفاعل المعنوي.

وفي هذه الصورة يجوز تقديم المفعول الثاني على المفعول الأول وعلى الفعل معًا؛ لعدم اللبس في هذه الحالة؛ نحو زميلًا في السفر أعطيت محمودًا.

٢- أن يكون الثاني واقعًا عليه الحصر٢؛ نحو: لا أكسو الأولاد إلا المناسب. فلو تقدم الثاني لفسد الحصر، ولزال الغرض منه.

ولا مانع من تقديمه مع "إلا" على المفعول الأول؛ إذ لا ضرر من هذا؛ لأن المحصور فيه هو الواقع بعد "إلا" مباشرة؛ نحو: لا أكسو إلا المناسب الأولاد.

٣- أن يكون الأول ضميرًا متصلًا والثاني اسمًا ظاهرًا؛ نحو: منحتك الود، "لكن لا مانع من تقديم المفعول الثاني على الأول والفعل معًا، نحو الود منحتك".

وتجب مخالفة الترتيب في مسائل، أشهرها ثلاثة أيضًا:

١- أن يكون المفعول الأول "أي: الفاعل في المعنى" محصورًا نحو: ما أعطيت


١ ص٢٣ م٦٠.
٢ تقدم في جـ١ ص٣٦٤ م٣٧ إيضاح للحصر "معناه وطريقته".

<<  <  ج: ص:  >  >>