للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وثانيهما: أن يكون جمعًا أو شبه جمع، والمراد يشبه الجمع: ما كان مفردًا في اللفظ، دالًا على متعدد في المعنى؛ مثل: كلمة: "غير" ... في نحو: جاء غير الغريب، فغير الغريب وأشباهه متعدد حتمًا ١.

فمثال إلا الواقعة صفة لجمع حقيقي هو نكرة حقيقية: "سينهزم الأعداء، فقد خرج لملاقاتهم جيش كبير، إلا القواد والرماة"، فلا يصح أن تكون "إلا" هنا حرف استثناء؛ خشية أن يفسد المعنى؛ إذ الاستثناء كما شرحنا أول الباب يقتضي أن يكون المعنى هنا: خرج لملاقاتهم جيش كبير طرحنا، ونقصنا منه القواعد والرماة، ولا يعقل أن يخرج جيش كبير دون قواده ورماته.

ومثل: "تتسع قاعة المحاضرة لمجموع كثيرة إلا المحاضر"، فهي هنا كما في المثال السابق بمعنى: غير، ولا يصح أن تكون بمعنى "إلا" الاستثنائية؛ لئلا يترتب على ذلك أن يكون المعنى: تتسع قاعة المحاضرة لمجموع كثيرة طرحنا ونقصنا منهم المحاضر، إذا لا يعقل أن تتسع قاعة المحاضرة للسامعين، ولا تتسع للمحاضرة، فلا يمكن أن يجتمعوا لسماع محاضرة من ليس له مكان عندهم، ومثل هذا قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا ٢ آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} ، فلو كانت "إلا" حرف استثناء لكان المعنى: لو كان فيهما آلهة، ليس من ضمنها الله لفسدتا، أي: لو كان فيهما آلهة أخرجنا وطرحنا منها الله، لفسدتا"، وهذا معنى باطل؛ إذ يوحي بأنهما لا تفسدان إذا كان الله من ضمن الآلهة ولم يخرج ولم يطرح، وهذا واضح البطلان، بخلاف ما لو كانت "إلا" اسمًا بمعنى: "غير"، نعتًا للنكرة قبلها، فإن المعنى يصح ويستقيم.

ومثال: "إلا" الاسمية الواقعة نعتًا لشبه الجمع الذي هو نكرة حقيقية أن تقول للخائن: غيرك إلا الخائن يستحق الصفح، فكلمة "إلا" اسم بمعنى: "غير" ولا تصلح أن تكون استثناء؛ لئلا يكون المعنى: غيرك من الخائنين يستحق


١ ومن الشرطين السالفين تنشأ صور أربع: "أن يكون الموصوف جمعًا حقيقيًا ونكرة حقيقية"، "وأن يكون شبيهًا بالجمع ونكرة حقيقية"، "وأن يكون جمعًا حقيقيًا وشبيهًا بالنكرة الحقيقية"، والصور الثلاثة السالفة أمثلة معروضة، "أما الرباعة: فأن يكون شبيهًا بالجمع، شبيهًا بالنكرة، كالمفرد المعروف بأل الجنسية".
٢ في السماء والأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>