للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشهر هذه الاعتبارات، وما تؤدي إليه.

الأول: انقسام الحال باعتبار ثبات معناها وملازمته١ شيئًا ٢ آخر، أو عدم ذلك إلى "منتقلة"، وهي الأكثر، "وثابتة"، وهي الأقل.

فالمنتقلة: هي التي تبين هيئة شيء٢مدة مؤقتة، ثم تفارقه بعدها، فليست دائمة الملازمة له: مثل: أقبل الرابح ضاحكًا، أسرع البرق مشتعلًا، شاهدت كتائب النمل مهاجرة ... و ... ، فكل حال من الثلاثة: "ضاحكًا، مشتعلًا، مهاجرة" يدل على معنى ينقطع، "فالضحك" لا يلازم صاحبه إلا مدة محددة يزول بعدها، وكذلك: "الاشتعال"، أو "المهاجرة".

والثابتة: هي التي تبين هيئة شيء تلازمه غالبًا ولا تكاد تفارقه، وتتحقق الملازمة في إحدى صور ثلاث.

أ- أن يكون معناها التأكيد، وهذا يشمل:

١– أن يكون معناها مؤكدًا مضمون جملة قبلها، بشرط أن يكون هذا المضمون أمرًا ثابتًا ملازمًا في الغالب، فيتفق معنى الحال ومضمون الجملة؛ ويترتب على هذا أن تكون الحال ثابتة ملازمة صاحبها تبعًا لذلك؛ نحو: خليل أبوك رحيمًا، "فرحيما" حال من "أب" الذي هو صاحبها الملازمة له، ومعنى هذا الحال وهو: "الرحمة" يوافق المعنى الضمني للجملة التي قبلها، وهو: "أبوة خليل"؛ لأن هذه الأبوة لا تتجرد من الرحمة، كما أن المعنى الضمني للجملة هو معنى الحال، إذ مضمون: "خليل أبوك" أنه رحيم، بداعي الأبوة التي تقتضي الرحمة والشفقة كما سلف، فلهذا كان معنى الحال مؤكدًا مضمون الجملة التي قبلها، والحال فيها ملازمة صاحبها.

ويشترط في هذه الجملة التي قبلها أن تكون اسمية، وأن يكون طرفاها "وهما: المبتدأ والخبر" معرفتين، جامدتين٣، ولا بد أن تتأخر الحال عنهما معًا وعن


١ وسبب هذه الملازمة وجود علاقة مبعثها العقل، أو الطبع، أو العادة، ولو لم تكن الملازمة دائمة في بعض الأحيان، كما جاء في حاشية ياسين في هذا الموضع.
٢و٢ وهو: صاحبها.
٣ اشترط بعض النحاة أن يكون هذا الجمود محضًا، بحيث لا يتأول الجامد بالمشتق؛ احترازًا من =

<<  <  ج: ص:  >  >>