وفي هذا الإعراب خروج على القواعد العامة التى تقضي بأن المضاف يعمل في المضاف إليه. وفيه أيضًا أن اسم "لا" النافية للجنس وقع معرفة؛ لإضافته إلى الضمير، مع أن اسم "لا" المفرد لا يكون معرفة ... و ... و ... وقد أجابوا عن هذا إجابة ضعيفة؛ حيث قالوا: إن كلمة "أبا" ذات اعتبارين؛ فهي بحسب الظاهر غير مضافة لوجود الفاصل بينهما، فهي باقية على التنكير، وليست معرفة؛ والإضافة غير محضة وإذن لا مانع من أن تكون اسم "لا" النافية للجنس. وكان حقها البناء على الفتح؛ لكنها لم تبنَ للاعتبار الثاني؛ وهو مراعاة الحقيقة الوافعة التى تقضي بأنها مضافة؛ فنُصِبَتْ بالألف لهذا، وصارت معربة لا مبنية. وكل هذا كلام ضعيف، ويزداد ضعفه وضوحًا حين نراه لا يصلح فى بعض الحالات، ولا يصدُق عليها، كالتي فى قولهم: "لا أَبَا لي" فقد وقعت كلمة: "أبا" فى الأسلوب معربة بالحرف فإن اعتبرناها مضافة فى الحقيقة لياء المتكلم لم يصح إعرابها بالحرف؛ لأن المضاف من الأسماء الستة لياء المتكلم لا يصح إعرابه بالحرف. وإن اعتبرناها غير مضافة أصلا مراعاة للظاهر -بسبب وجود حرف اللام الفاصل- لم يصح إعرابها بالحرف أيضًا، فهي على كلا الاعتبارين لا تعرب بالحرف. وأحسن رأي من النواحي المختلفة هو اعتبار كلمة: "أبا" اسم "لا"، وغير مضافة، بل مبنية على الألف على لغة من يلزم الأسماء الستة الألف دائمًا في جميع الحالات، وأنها خالية من التنوين بسبب هذا البناء. ويرى بعض النحاة إعرابًا آخر هو بناء كلمة "أبا" على فتح مقدر على آخرها منع من ظهوره التعذر، باعتبار هذه الألف أصلية من بنية الكلمة كالألف التى في آخر كلمة "هذا" فكلاهما عنده حرف أصلي تقدر عليه علامات البناء، ولا يعتبره حرفًا زائدًا جيء به ليكون علامة إعراب٢. والخلاف شكلي، لا أثر له. وهو يقوم على اعتبار الألف الأخيرة زائدة، أو أصلية. وسيجيء لهذه المسألة إشارة أخرى فى باب "لا".