للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملاحظة:

المشهور أن شبه الجملة التام بنوعيه "الظرف، والجار مع مجروره" إذا وقع


= ففي نحو: "تكلم الذي عندك" أي: الموجود عندك لا يفيد الظرف: "عند" شيئًا أكثر من الدلالة على وجود الشخص وجودًا مطلقًا من غير زيادة شيء آخر على هذا الوجود؛ كالأكل، او الشرب، أو القراءة، أو سواها ... وهذا هو "الوجود العام"، أو: "الاستقرار العام" أو: "الكون العام" كما قلنا، ولا يحتاج في فهمه إلى قرينة، أو غيرها، وكذلك نحو: "سكت الذي في الحجرة" أي: الموجود في الحجرة وجودًا مطلقًا غير مقيد بزيادة شيء آخر؛ كالنوم، أو الضحك، أو المشي، وكذلك غيرهما من الأمثلة.
ولأن هذا الكون العام واضح "ومفهوم" بداهة طبقًا للبيان الهام الذي سبق في ص ٢٤٦ وجب حذفه في مسائل؛ منها ما ذكرناه، وهو: أن يقع صلة، أو صلة، أو خبرًا، أو حالًا ... ؛ إذ لا داعي للإضافة بذكره من غير حاجة إليه.
الثانية: أن يكون متعلقهما أمرًا خاصًا محذوفًا جوازًا لوجود ما يدل عليه. ويظهر المتعلق الخاص في المثالين السابقين بأن نقول: تكلم الذي وقف عندك، وسكت الذي نام في الحجرة، فكلمة: "وقف" أو: "نام" تؤدي معنى خاصًا هو: الوقوف، أو: النوم، ولا يمكن فهمه إلا بذكر كلمته في الجملة، والتصريح بها، فليس هو مجرد حضور الشخص، ووجود المطلقين؛ وإنما هو الوجود والحضور المقيدين بالوقوف أو بالنوم، ولهذا لا يصح حذف المتعلق الخاص إلا بدليل يدل عليه وعندئذ يجوز حذفه؛ مثل: قعد صالح في البيت ومحمود في الحديقة؛ فقول: بل صالح الذي في الحديقة، تريد: بل صالح الذي قعد في الحديقة: فإن حذف المتعلق الخاص بغير دليل كان الظرف والحال مع مجروره غير تأمين؛ فلا يصلحان للصلة، ولا لغيرها مما سبق؛ مثل: هذا الذي أمامك، أو: منك، تريد هذا الذي غضب أمامك، أو: غضب منك، ومثل: غاب الذي اليوم ... أو: الذي بك، تريد: غاب الذي حضر اليوم، والذي استعان بك. فالمتعلق العام المطلق قد زيد عليه هنا ما جعله خاصًا مقيدًا، فلا يصح حذفه إلا بقرينة.
وظرف المكان هو الذي يكون متعلقه في الصلة كونًا عامًا واجب الحذف، أو كونًا خاصًا واجب الذكر إلا عند وجود قرينة؛ فيجوز معها حذفه أو ذكره. أما ظرف الزمان فلا يكون متعلقه إلا خاصًا؛ فلا يجوز حذفه إلا بقرينة، وبشرط أن يكون الزمن قريبًا من زمن الكلام، نحو: نزلنا المنزل الذي البارحة، أو: أمس، أو آنفًا، فإن كان زمن الظرف بعيدًا من زمن الإخبار بمقدار أسبوع مثلًا، لم يحذف العامل؛ فلا تقول يوم الأربعاء: نزلنا المنزل الذي يوم الخميس أو يوم الجمعة.
ولم أطله على تحديد النحاة للزمن القريب أو البعيد؛ ولكن قد يفهم من أمثلتهم أن القريب هو ما يتجاوز يومين، وأن البعيد ما زاد عليهما، وربما كان عدم التحديد مقصودًا منه ترك الأمر للمتكلم والسامع.
وشبه الجملة بنوعيه يسمى: "مستقرًا" "بفتح القاف، والمراد: مستقر فيه" حين يقع متعلقه "كونًا عامًا" يفهم بدون ذكره، ويسمى: "لغوًا" حين يقع متعلقه "كونًا" مذكورًا أو محذوفًا لقرينة تدل عليه، وإنما سمي "مستقرًا" لأمرين سبقت الإشارة إليهما في ص٢٤٦ و٢٥٠؛ لاستقرار معنى عامله فيه؛ أي: فهمه منه؛ ولأن حين يصير خبرًا مثلًا ينتقل إليه الضمير من عامله المحذوف، ويستقر فيه، وبسبب هذين الأمرين استحق عامله الحذف وجوبًا, وسمي "اللغو" لغوًا؛ لأن وجوده ضئيل =

<<  <  ج: ص:  >  >>