للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تمنعها من الدخول على الأسماء المفردة، ومن الجر، فتجعلها مختصة بالدخول على الجمة الفعلية والاسمية١، ولذا تسمى: "ما" الزائدة الكافة؛ "لأنها كفتها - أي: منعتها من عملها؛ وهو: الجر؛ ومن اختصاصها؛ وهو: الدخول على الاسم وحده؛ لجره"؛ نحو: ربما رأيت في الطريق مستجديًا، وهو في الأغنياء. ونحو: ربما كان السائل أغنى من المسؤول، أو ربما السائل أغنى من المسؤول. ولكن دخولها على الماضي٢ هو الكثير، أما دخولها على المضارع الصريح٣ وعلى الجملة الاسمية فنادر لا يقاس عليه، إلا إن كان معنى المضارع محقق الوقوع قطعًا كما سيجيء، ومن العرب من يبقيها على حالها من الدخول من الأسماء المفردة، وجرها مع وجود "ما" الزائدة؛ فيقول: رب ما سائل في الطريق أزعجني، ولا تسمى "ما" في هذه الحالة "كافة"؛ وإنما تسمى: "زائدة" فقط. والأفضل الاقتصار على الرأي الأول الشائع٤.

٦- والشائع أيضًا أن "رب" بحالتيها العاملة والمكفوفة عن العمل، لا تدخل إلا على كلام يدل على الزمن الماضي، سواء أكان مشتملًا على فعل ماض أم على غيره مما يدل على الزمن الماضي، كالمضارع المقرون بالحرف: " لم"، أو: الوصف الدال على الماضي ... أو ... نحو: رب معروف قدمته سعدت بفعله رب علم لم ينفع صاحبه أحزنه رب بئر متفجرة أمس نفعت بما في داخلها.

وقد أشرنا إلى أنها تدخل على المضارع الصريح إذا كان معناه محقق الوقوع لا شك في حصوله؛ فكأنه من حيث التحقق بمنزلة الماضي الذي رفع معناه٥،


١ أما معناه فيبقى على الوجه الذي سيجيء مشروحًا في الزيادة والتفصيل "ب، ص ٥٣١".
٢ ولو كان مبنيًا للمجهول؛ كقول الشاعر: وقد سبق لمناسبة أخرى في هامش ص ٥٢٣:
نعمة الله لا تعاب، ولكن ... ربما استقبحت على أقوام
٣ وهو الذي يكون لفظه مضارعًا، وزمنه مستقبلًا خالصًا.
٤ وإذا كانت "ما" كافة، و"رب" غير عاملة، فالواجب وصلهما كتابة، أما إذا كانت "رب" عاملة فالواجب فصلهما.
٥ وقد تدخل على مضارع في لفظه، ولكنه ماض في زمنه، بقرينة تدل على المضي الزمني، كقول الشاعر لهارب من حاكم توعده بالقتل، فجاءه الخبر بموت ذلك الحاكم:
ربما تجزع النفوس من الأمر ... له فرجة كحل العقال
=

<<  <  ج: ص:  >  >>