للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يستوفي وسائلها، فإن قام الشاهد على أنه نحا نحو التضمين، كما إذا اعترضت عليه في استعمال الفعل المتعدي بنفسه متعديًا بحرف، فأجاب بأنه قصد التضمين وبين الوجه، فوجدته قد أصاب الرمية؛ فقد اعتصم منك بهذا الجواب المقبول، ولم يبق لاعتراضك عليه من سبيل.

وإن قام شاهد على أن المتكلم لم يقصد التضمين، وإنما تكلم على جهالة بوجه استعمال الفعل، كان قضاؤك عليه بالخطأ قضاء لا مراد له، فمصحح ما يكتبه التلاميذ ونحوهم، يجب عليه أن يرد الأفعال إلى أصولها، ولا يتخذ من التضمين وجهًا لترك العبارة بحالها، والكاتب لا يعرف هذا الوجه، أو لم يلاحظه عند الاستعمال١.

فللتضمين صلة بقواعد الإعراب من جهة تعدي الفعل بنفسه أو تعديه بالحرف, وصلة بعلم البيان من جهة التصريف في معنى الفعل، وعدم الوقوف به عند حد ما وضع له، ومن هذه الناحية لم يكن كبقية قواعد علم النحو، قد يستوي في العمل بها خاصة الناس وعامتهم.

حضرة العضو المحترم الأستاذ الشيخ أحمد علي الإسكندري: رجعت إلى أقوال العلماء بعد المناقشة التي دارت أمس، فوجدت أن القائلين بسماعية التضمين إنما يخشون أن يحدث في اللغة فساد واضطراب في معاني الأفعال إذا أباحوه للناس، مع أنهم يسلمون أن ما ورد من التضمين كثير يجمع في مئين أوراقًا.

وقد شرط القائلون بقياسية التضمين شرطين وهما:

١- وجود المناسبة.

٢- وجود القرينة.

ثم تأملت في وظيفة علوم البلاغة وخاصة علم المعاني، فوجدت أن موضوعه إن هو إلا بيان الذوق المعبر عنه عندهم "بمقتضى الحال"، وكذلك رأيت الشرطين اللذين اشترطهما العلماء قديمًا للتضمين غير كافيين، فرأيت أن نضيف إليهما قيدًا ثالثًا، هو "موافقة العبارة التي فيها التضمين للذوق العربي"، وذلك ما تنشده علوم البلاغة.


١ هذا الرأي يحتاج إلى قوة تأييد وإقناع، فهو على حالة غير مقبول، انظر هامش الصفحة السالفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>