ما أتت به اللجنة من الكلام في التضمين معروف، والمجمع ألف لجنته للبحث في التضمين، وكتابة تقرير فيه، فبحثت اللجنة، وكتبت التقرير، وذكرت آراء العلماء؛ ووجدت أن القول بقياسيته أقوى من القول بسماعيته، ثم رفعت عملها إلى المجمع وهو صاحب الرأي فيه: فلا لوم علينا في نقل كلام القدماء.
أما ما قاله حضرة الدكتور منصور فهمي من أن فائدة التضمين الإيجاز، وهو فائدة يسيرة، فلا نقره عليه؛ لأن الإيجاز مقصد من مقاصد البلغاء: وأصل من أصول الأساليب اللغوية.
وأما القول بأن التضمين بفتح باب الخطأ والفساد في اللغة، فهذا صحيح، ولكن علاج هذا أن يتعلم الناس قواعد لغتهم التي تعصمهم من الوقوع في الخطأ، فكما أن إغفال الاشتقاق والتصريف يجر إلى الخطأ فيهما، كذلك يجر إهمال قواعد التضمين، وضوابطه إلى الخطأ في الأسلوب، فإذا ثابرنا على تعليم قواعد اللغة في المدارس مثلًا، انتشرت الأساليب الصحيحة وذاعت، وفتح باب التضمين يسهل اللغة على الناس، أما القول بسماعيته فهو التضييق والحجر. وإذا قلنا بهذا فربما جاء زمان يقول فيه الناس كان باب التضمين مفتوحًا بالقياس، فسده مجمع اللغة العربية، وأنه لا بد من سبب اضطره إلى هذا، فإذا قرأ الناس ما جاء في القرآن الكريم، والأحاديث النبوية من التضمين، توهموا أو ظنوا أن فيها شيئًا حمل المجمع على حظر التضمين على الناس.
وأما قول حضرة الدكتور منصور: إن فائدة التضمين محصورة في مائتي كلمة، فهذه مبالغة؛ لأننا على أي وجه خرجناه فقد خرجنا على ما هو قياسي: من حقيقة أو مجاز، أو كناية، وهذه أمور مقيسة لا تحصر.
والقول بقصره على الشعر والسجع مع أن شأنهما الشيوع يوقعنا فيما نريد الفرار منه.
واللجنة قد أدت عملها، وهو البحث في مسألة التضمين، وبقي الكلام في اتقاء الخطأ الذي يقع فيه العامة، فإذا رأى المجمع أن اتقاء ذلك يكون بقصر استعمال التضمين على العارفين باللغة ودقائقها، فإني أوافق عليه، وإذا رأى المجمع أن يرجئ بت الكلام في التضمين، فله ما يرى.