وهناك سببان آخران للجر؛ أحدهما الجر على: "التوهم"؛ ومن صواب الرأي إهماله، وعدم الاعتداد به "كما قلنا في ج١ ص ٦٠٩ م ٤٩ حيث توضيحه، وتفصيل الكلام عليه". والآخر الجر على: "المجاورة"؛ والواجب التشدد في إغفاله، وعدم الأخذ به مطلقًا. "كما أشرنا في الموضع السابق وفي ج٢ م٨٢ ص٣٢٣ وص٤٠١ م٨٩". أما الداعي لاتخاذه سببًا للجر فورود أمثلة قليلة جدًا، وبعضها مشكوك فيه-، قد اشتملت على جر الاسم من غير سبب ظاهر لجره، إلا مجاورته لاسم مجرور قبله مباشرة؛ منها: "هذا حجر ضب خرب"، بجر كلمة: "خرب"، مع أنها صفة "لحجر" ولا تصلح صفة "لضب"؛ لأن الضب لا يوصف بأنه خرب، ومنها: "يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم ... " بجر كلمة: "كل"، مع أنها توكيد لكلمة: "ذوي" المنصوبة؛ إذ لو كانت توكيدًا لكلمة: "الزوجات" لقال كلهن. وقد تأول النحاة المثال الأول بأن أصله: هذا حجر ضب خرب الحجر منه، أو خرب جحره، ثم حذف ما حذف، وبقي ما بقي، واشتد الجدل في نوع المحذوف وصحة الحذف وعدم صحته، على الوجه المبين في المطولات "ومنها همع الهوامع ج٢ ص٥٥" وقالوا ف المثال الثاني إنه خطأ أو ضرورة. واتفق كثير من أئمة النحاة على أن الجر بالمجاورة ضعيف، أو ضعيف جدًا. وجاء في "المحتسب" لابن جني -ج٢ ص٢٩٧- ما نصه: "إن الخفض بالجوار –أي: بالمجاورة- في غاية الشذوذ" ا. هـ بل جاء في كتاب "مجمع البيان" لعلوم القرآن" -ج٣ ص٣٣٥ ما نصه: "إن المحققين من النحويين نفوا أن يكون الإعراب بالمجاورة جائزًا في كلامهم..". ا. هـ، أي: في كلام العرب؛ وعلى هذا لا يصح القياس عليه، ولا يستعمل إلا في المسموع "كما جاء في خزانة الأدب، للبغدادي، ج٢ ص٣٢٤". ١ من الملحق بالمثنى: "اثنان" و "اثنتان" وقد سبق تفصيل الكلام على المثنى وملحقاته في ج١ ص٧٦ م٩. ٢ أي: عيناه، أو: صاحباه.