للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعمل المصدر عمل الفعل١ في حالتين:

الأولى: أن يحذف الفعل، وينوب عنه مصدره في تأدية معناه، وفي التعدي واللزوم، وكثير من أنواع العمل، نحو قول الشاعر:

يا قابل التوب. غفرانا مآثم، قد ... أسلفتُها، أنا منها خائفٌ وَجِلُ

وقول الآخر:

شكرًا لربك يوم الحرب نعمته ... فقد حماك بعز النصر والظفر

ونحو: تعظيمًا والديك، وتكريمًا أهلك، وإشفاقًا على ضعيفهم المحتاج. والأصل: اغفر مآثم٢ ... اشكر لربك، عَظِّم والديك، كرِّم أهلك، وأشفق على ضعيفهم. فحذف فعل الأمر وجوبًا، وناب عنه مصدره، فعمل عمله في رفع الفاعل المستتر هنا، وفي نصب المفعول به، إن كان الفعل المحذوف ينصب مفعولًا به؛ كالفعلين: عظم، وكرم، وفي أكثر الأعمال الأخرى التي يعملها الفعل، كالعمل في النعت، وكتعلق الجار والمجرور به في المثال الأخير، وكغيرهما من باقي المعمولات؛ فكل هذا يعمله المصدر النائب عن فعله المحذوف وجوبًا. "وقد سبق٣ تفصيل الكلام على هذا الموضع، وبيان الحذف الجائز فيه والواجب، والقياسي وغير القياسي، وكيفية إعراب هذا المصدر وباقي معمولاته، وكل ما يتصل به من هذه النواحي المختلفة....".


١ يخالف المصدر فعله في أمور؛ أهمها: أن المصدر لا يعمل إلا بالشروط التي سنذكرها، وأن فاعله يكثر حذفه جوازًا، وإذا حذف لا يتحمل المصدر ضمير المحذوف؛ إلا إذا كان المصدر نائبًا عن فعله "على الوجه المشروح في باب المفعول المطلق ج٢ ص١٧٨ م٧٦".
أما رفع المصدر لنائب الفاعل فالمختار جوازه عند أمن اللبس، نحو: عجبت من قياس بالطيارة الصحراء، ومن إقامة فيها معامل النفط. أي: من أن تقاس الصحراء بالطيارة، وأن تقام معامل النفط فيها. بخلاف الفعل، فإنه يعمل وجوبًا بغير شرط، ويتحمل وجوبًا ضمير مرفوعه المحذوف؛ فاعلًا كان أو نائب فاعل.
٢ أي: ذنوبًا؛ "المفرد: مأثم؛ بمعنى: إثم؛ وهو: الذنب".
٣ في ج٢ ص١٧٨ م٧٦ موضوع: "حذف عامل المصدر، وإقامة المصدر نائبًا عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>