للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنها تتجدد١، وتتردد على صاحبها كثيرًا لأنه اعتادها -فالصفة المشبهة على وزن: "فعل" للمذكر، و"فعلة" للمؤنث- ويلاحظ أن هذين الوزنين ليسا مقصورين على الصفة المشبهة من مصدر الفعل "فعل" فقد يكونان من مصدر "فعل" أيضًا، كما سنعرف -نحو: فرح فهو فرِحٌ، طرب فهو طرِبٌ، بطر فهو بطِر، حذر فهو حذِر، تعب فهو تعِب، ومن هذا قولهم: الحذِر آمن، والضجِر مكروب، والبطِر مهدَّد بزوال النعم.

وقول الشاعر:

ويل للشجِي٢ من الخلي٣ فإنه ... نصب الفؤاد، بحزنه مهموم

وإن كان دالًّا على خلو، أو امتلاء، ونحو هذا مما يطرأ ويتكرر ولكنه يزول ببطء -فالصفة المشبهة على وزن: "فعلان" ومؤنثها -في الغالب- على وزن: "فعلى"- نحو: عطش فهو عطشان، ظمئ فهو ظمآن، صدى فهو صديان، شبع فهو شبعان، روي فهو ريان، يقظ فهو يقظان، عرق فهو عرقان. ومن هذا قولهم في الهجاء: فلان شبعان البطن، صديان الروح، نائم العقل، يقظان الهوى.


١ ويسمى استمرارها: متجددًا، أو: تجدديًا -كما أوضحنا في ص٣٩ وفي رقم ٤ من هامش ص٢٤٧ وفي رقم ٢ من هامش ص٢٨٢.
٢ الحزين المهموم.
"ملاحظة": في كلمة "شجي" ونظائرها بيان لغوي مفيد، نعرضه فيما يأتي:
جاء في القاموس المحيط "ج٤ مادة: شجاه" ما نصه: "شجاه: حزنه وطربه؛ كأشجاه فيهما. ضد ... و ... شجي به، كرضي شجًى. والشجِي المشغول. وشدد ياؤه في الشعر ... " ا. هـ كلام القاموس.
لكن قوله: "شدد ياؤه في الشعر" تقييد غير صحيح؛ فقد جاء في: "الاقتضاب، في شرح أدب الكتاب" تأليف ابن السيد البطليوسي، في باب: ما يشدد، والعامة تخففه ص١٩٧ ما نصه:
"أكثر اللغويون من إنكار التشديد في لفظة: "الشجي" وذلك عجيب منهم؛ لأنه لا خلاف بينهم أنه يقال: شجوت الرجل أشجوه إذا أحزنته، وشجي يشجى إذا حزن. فإذا قيل: "شجٍ" بالتخفيف كان اسم الفاعل من "شجي" يشجى؛ فهو "شجٍ"؛ كقولك: "عمي يعمى فهو عمٍ". وإذا قيل: "شجيٌّ" بالتشديد، كان اسم المفعول من: "شجوته" أشجوه؛ فهو مشجوٌّ وشجيٌّ". كذلك مقتول وقتيل، ومجروح وجريح.
ثم انبرى بعد ذلك يسرد أمثلة مسموعة للمشدد تؤيد رأيه" ا. هـ.
وقريب من هذا المثل في معناه قولهم أيضًا: "ما أهون على النائم القرير سهر المسهَّد المكروب".
٣ الخالي من الهم والحزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>