للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا لم توجد صيغة مسموعة، أو وجدت ولكنه لا يعرفها١ فليس أمامه إلا استخدام الصيغة القياسية٢.


=
وإن فتحت منه ما كان انكسرْ ... صار اسم مفعول: كمثل: المنتظرْ
وفي اسم مفعول الثلاثي اطَّرَدْ ... زنة مفعول، كآتٍ مِن: قَصَدْ
أي: كالوزن الآتي من الفعل: قصد، وأشار بعد هذا إلى أن اسم المفعول من الثلاثي قد يكون على وزن "فعيل"، لا مفعول؛ فيعمل عمله -بشروطه- وأن هذا نقل عن العرب، وسماع منهم؛ فهو مقصور على النقل والسماع، ولا يجوز القياس عليه، بل يجب الوقوف عند ما ورد منه، لا نزيد عليه شيئًا. وقد مثل له: بفتاة كحيل؛ بمعنى مكحولة العينين، وفتى كحيل؛ بمعنى: مكحولهما. "ويلاحظ أن صيغة: "فعيل" التي بمعنى: "مفعول" يستوي فيها المذكر والمؤنث -غالبًا- فتستعمل بلفظ واحد لهما من غير زيادة تاء تدل على التأنيث، بشروط وتفصيلات يجيء الكلام عليها في الجزء الرابع، "الباب الخاص بالتأنيث"، وأهم هذه الشروط ألا يذكر قبلها الشيء الذي نتحدث عنه أو نَصِفُهُ، أي: الموصوف الذي يقوم به معناها ويتحقق فيه مدلولها" يقول:
وناب نقلًا عنه ذو فعيلِ ... نحو: فتاة أو فتى كحيلِ
وقد تكلمنا على كل ما سبق خاصًّا باسم المفعول في ص٢٧١. ذو فعيل: أي صاحب هذا اللون. موازنه".
١ لخفائها عن العلماء؛ لا لقصور وجهل من المتكلم.
٢ الصفة المشبهة قياسية "كما صرح بهذا في أول بابها الأشموني -وغيره- كالتصريح في أول باب: "كيفية أبنية أسماء الفاعلين ... وفي أول باب: الصفة المشبهة"؛ فيجوز صياغتها على وزن إحدى الصيغ التي عرضناها، بشرط أن تتحقق الشروط والأوصاف الخاصة بهذه الصيغة. ولا التفات إلى الرأي القائل بوجوب الاقتصار على الصيغ السماعية إن وجدت؛ لأن الأخذ بهذا الرأي معطل للقياس؛ منافٍ لمعناه الحقيقي، وللغرض منه. فوق ما فيه من إعنات ومشقة لا يحتملها جمهرة الخاصة، بله العامة؛ إذ يطالب بالرجوع إلى المراجع اللغوية، وجميع المظان الحاوية لمفرداتها، للبحث عن الصيغة السماعية قبل استعمال القياسية. فإذا ثبت عدم وجود صيغة سماعية جاز استعمال القياسية ... وليس هذا بمعقول ولا سائغ، بل ليس من صالح اللغة تضييقها على هذا الوجه المعوق لها، الحائل دون استعمالها، من غير فائدة مرجوة في هذا التحجير والإرهاق.
وأعجب من هذا رأي آخر يحرم استخدام الصيغ القياسية مطلقًا "مع وجود أخرى سماعية أو عدم وجودها، كالذي قيل في صوغ المصدر ص١٨٨ وما بعدها". زاعمًا أن إيجاد الصيغة القياسية إنما هو إيجاد وخلق اللفظ لم ينطق به العرب أصحاب هذه اللغة، المستأثرون بخلق مفرداتها وكلماتها وهو زعيم خاطئ دفعناه مرارًا في أجزاء هذا الكتاب، وأوضحنا أسباب خطئه؛ قاصدين أن نكشف خطره وضرره، كي لا يجد له في أيامنا واهِمًا يأخذ به.
وهذه المناسبة تحملنا إلى أن يعود فنردد هنا أيضًا ما سبق أن عرضناه في رقم ٣ من هامش ص١٨٨ من إباحة استخدام المصدر وغيره استخدامًا قياسيًّا مطردًا. ونشير بوجه خاص إلى كلام ابن جني المدون هناك، وهو كلام هامٌّ مفيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>