للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرفوعًا، والصفة جارية على موصوف. والمراد بالسببي١: الاسم الظاهر المتصل بضمير يعود على صاحبها٢، اتصالًا لفظيًا أو معنويًا. فمثال اللفظي: لنا صاحب سمح خليقته، حلو شمائله، كريم طبعه، تهفو القلوب إليه كأنما بينه وبينها نسب، وقول الشاعر:

لقد كنت جلدًا قبل أن توقد النوى ... على كبدي نارًا بطيئًا خمودها

فكل كلمة من الكلمات: خليقة، شمائل، طبع، خمود ... معمول للصفة المشبهة التي قبله، وهو معمول سببي؛ لأنه اسم ظاهر، متصل بضمير يعود -مباشرة- على المتصف بمعنى تلك الصفة.

ومثال المعنوي قول الفرزدق في مدح زين العابدين بن الحسين:

سهل الخليقة، لا تخشى بوادره ... تزينه الخصلتان: الحلم٣، والكرمُ

لا يخلف الوعد ميمون بغرته ... رحب الفناء، أريب حين يعتزمُ

والأصل: سهل الخليقة منه، رحب الفناء منه، أي: من زين العابدين في المثالين. فالضمير محذوف مع حرف الجر، وهو مع حذفه ملحوظ كأنه موجود٤. أو أنه لا حذف في الكلام. وأن "أل" الداخلة على السببي تغني عن الضمير٥.

أما اسم الفاعل فيعمل في السببي والأجنبي، مثل: "مكرم، مكرمة، منكرة، عاطفة ... في قولهم: "تكريم العظيم تأييد له، ونصر للفضيلة، وتكريم الحقير إغراء له، ومشاركة في جرائمه؛ فشتان بين مكرم عظيمًا


١ سبق إيضاح السببي مرة أخرى بتمثيل جلي في رقم ٤ من هامش ص٢٦٤. واشتراط سببية المعمول مقصور على حالتي نصبه على التشبيه بالمفعول به، أو جرِّه بالإضافة. أما المعمول المرفوع أو المنصوب على اعتبار ووجه آخر؛ كباقي المكملات المنصوبة -فلا يشترط فيه السببية؛ فيجوز أن يكون أجنبيًّا في الحالتين: نحو: أجميل النجمان؟ وما مظلم الفرقدان: "وهما، نجمان متقاربان" والوالد بك فرح. ولكن نجيب السببية في مرفوعها -كما قلنا -إذا جرت الصفة على موصوف أي على شيء يجري عليه معناها؛ نحو: البلبل جميل تغريده، وكذلك اسم الفاعل؛ نحو: الرجل قام أبوه.
٢ هو الموصوف، أي الذي يتصف بمعناها. وقد يغني عن الضمير "أل" على الوجه الكوفي المبين في رقم ٤ من هامش ص٢٦٤. وفي رقم ٤ التالي.
٣ لاحظ الشبه بين الضمير في هذه الصورة وبينه في المراحل الثلاث التي سلفت في ص٢٦٨.
٤ كما سبق في رقم ٤ من هامش ص٢٦٤ وص٢٦٩، ورقم ٤ من هامش ص٢٧٧، وهذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>