للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أتينا "بما" المصدرية محافظة على بقاء الفعل مبنيًّا للمجهول، ولولاها لزال بناؤه للمجهول فلا يتبين أسلوب التعجب أللمجهول هو أم للمعلوم؟

أما الفعل الملازم للبناء للمجهول سماعًا عند من يقول بهذه الملازمة١ فقد سبق٢ أن الأنسب الأخذ بالرأي الذي يجيز الصياغة من مصدره مباشرة.

٥- وإن كان الفعل ناسخًا، "أي: غير تام" فإن كان له مصدر وجب أن نضع مصدره بعد صيغة التعجب التي نأخذها من الفعل الآخر الذي نختاره على الوجه المشروح فيما سلف، ففي مثل: كان العربي رحالًا بطبعه، نقول: ما أكثر كون العربي رحالًا بطبعه! -أو: أكثر بكون العربي رحالًا بطبعه! ... وإن لم يكن له مصدر أخذنا الصيغة من الفعل الآخر الذي نختاره ووضعنا بعدها الفعل الأصلي الذي ليس له مصدر، وقبله "ما" المصدرية فينشأ منها ومن الفعل والفاعل بعدها مصدر مؤول هو مفعول به منصوب بعد: "ما أفتل" ومجرور "الباء" بعد: "أفعل". ففي مثل: كاد الكذب يهلك صاحبه، نقول: ما أسرع ما كاد الكذب يهلك صاحبه ... وهكذا ...

هذه هي الطرائق الموصلة للتعجب إذا كان الفعل غير مستوفٍ للشروط. أما إذا كان مستوفيًا للشروط كلها فإن الصيغتين القياسيتين٣ تؤخذان منه مباشرة. ولا مانع من التعجب منه بالطريق غير المباشر أيضا؛ وذلك بالإتيان بفعل آخر مناسب. "نحو: حَسُن، قبُح، قوي، وغيرها من الأفعال الثلاثية التي تناسب المراد"، ثم نأخذ منه الصيغة التعجبية، ونجعل بعدها مصدر الفعل المستوفي للشروط، إما منصوبًا بعد "ما أفعل" وإما مجرورًا بالباء بعد "أفعل" ففي مثل: برع الذكي، وسبق أنداده، نقول: ما أعظم براعة الذكي!، وما أوضح سبقه أنداده! أو: أعظم ببراعة الذكي! وأوضح بسبقه أنداده ... فليس من اللازم -والفعل مستوفٍ للشروط- أن نأخذ


١ انظر تخطئة هذا الرأي في رقم ١ من هامش ص٣٥٠.
٢ في ص٣٥٠.
٣ وهناك الصيغ المشار إليها في "ج" من ص٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>