ومن أحكام هذا التمييز أنه -على الصحيح- لا يجوز حذفه مع استتار الضمير الفاعل العائد عليه؛ لكيلا يبقي الفاعل الضمير مبهمًا، ليس له ما يفسره؛ فالتمييز يفسر الفاعل المستتر. فإن وجدت قرينة تدل على التمييز بعد حذفه، وتكون عوضًا عند صح الحذف؛ كالتاء في قولهم: إن زرت الصديق فبها ونعمت؛ أي: نعمت زيارةً زيارتك، ومنه قوله عليه السلام: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" أي: فبالرخصة أخذ، ونعمت رخصة الوضوء. ولا يصح تقديمه على "نعم وبئس" كما أسلفنا، ولا تأخيره عن "المخصوص" بالمدح والذم؛ ولهذا حكموا بالشذوذ على مثل: نعم محمد رجلًا، باعتبار "محمد" هو "المخصوص". أما باعتباره فاعلًا فلا يصح؛ لأنه ليس من الأنواع السالفة التي تصلح فاعلًا في هذا الباب. ويصح أن يكون لهذا التمييز نعت أو غيره من التوابع، ومن أمثلة النعت قولهم: إن الكذوب لبئس خلاَّ يُصْحَب كما يصح أن يفصل بينه وبين الفاعل فاصل، كقوله تعالى: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} ، ويجوز تثنيته وجمعه -كما أشرنا- وبسبب هذا الجواز امتنع إبراز الفاعل المستتر، وتثنيته وجمعه، اكتفاء بتثنية التمييز وجمعه؛ فلا يصح: نِعْما -ونْعُموا ... في الرأي الراجح. ٢ فيما سبق يقول ابن مالك بإيجاز: فِعْلاَنِ غَيْرُ مُتَصرِّفَيْنِ ... "نَعْم" و"بِئْس" رافِعانِ اسْميْنِ مُقَارنَيْ "أَلْ" أَو مُضَافَيْنَ لِمَا ... قَارَنَهَا كَنِعْمَ عُقْبَى الكُرَما وَيَرْفَعَان مُضْمَرًا يُفَسِّرُهْ ... مُمَيِّزٌ، كَنِعْمَ قَوْمًا مُعْشَرَهْ تضمنت الأبيات الثلاثة أن "نعم وبئس" فعلان جامدان، وأنهما يرفعان فاعلين مقترنين بـ"أل" أو مضافين للمقترن بـ"أل" أو ضميرًا يفسره مميز "تمييز، كنعم قومًا معشره". وترك الناظم بقية أنواع الفاعل التي في الصفحات التالية. ٣ وفي هذا يقول ابن مالك: وَجَمْع تَمْيِيزٍ وفًاعِلٍ ظَهَرْ ... فِيهِ خِلاَفٌ عَنْهُمُو قَدِ اشْتَهَرْ