للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن النوع الأول الصريح١: الفعل: حب" يكون للمدح العام مع الإشعار بالحُبّ، ويكثر أن يكون فاعله كلمة: "ذا" التي هي اسم إشارة٢ نحو: حبذا الموسيقيّ إسحاق، وقول الشاعر:

يا حبذا النيل على ضوء القمرْ ... وحبذا المساء فيه والسحرْ

فإن جاء بعده الفاعل "ذا" وقبله: "لا" النافية كان للذم العام، نحو: لا حبذا البخيل مادر٣.

وإنما كان معنى الفعل: "حب" هو: المدح مع الإشعار بالحب والقرب من القلب؛ لأنه فعل مشتق من مادة: "الحب"، وفاعله اسم إشارة للقريب. وهو ينفرد بهذه المزية دون "نعم".

ومما يدل على الذم العام الصريح أيضًا الفعل: "ساء تقول: ساء البخيل مادر، كما تقول: بئس للبخيل مادر، وقول الشاعر:

أألوم من بخلت يداه وأغتدي ... للبخل تربًا٤؟ ساء ذاك صنيعا!

فمعناهما واحد، هو: الذم العام٥، وكذلك أحكامهما.

ومما تقدك نعلم "حبذا" جملة فعلية -على الرأي الأرجح -الفعل: فيها: "حب"، وهو هنا ماضٍ جامد٦، وفاعله هو كلمة: "ذا" اسم الإشارة، مبنية


١ أي: الذي يدل على المدح أو الذم دلالة صريحة بغير قرينة.... "انظر ص٣٦٧".
٢ وعندئذ تتصل بآخره في الكتابة وجوبًا؛ طبقًا لقواعد رسم الحروف. ومن الأمثلة أيضًا قول الشاعر:
حبذا ليلة تَغَفَّلْت عنها ... زمني فانتزعْتها من يديه
تغفلته: خدعته وهو غافل. أما الحرف "يا" فيجيء تفصيل الكلام عليه في مكانه الأنسب، وهو باب: "النداء" -ج٣ م١٢٧ ص٥ -ومنه يتعين أن الحرف: "يا" هنا: حرف تنبيه، أو حرف نداء ...
٣ اسم رجل يضرب به المثل قديمًا في البخل.
٤ صديقًا وصاحبًا.
٥ إلا إن لوحظ في الفعل "ساء" أنه محول من أصله إلى صيغة "فعل" بقصد الذم الخاص مع التعجب، كما سيجيء الكلام على تحويل الأفعال الثلاثة إلى هذه الصيغة ص٣٨٤ و٣٨٥.
٦ هو في الأصل مشتق. ولكنه صار جامدًا، كامل الجمود بعد انتقاله إلى حالته الجديدة التي قصد بها إنشاء المدح فصار مع فاعله جملة إنشائية خالية من الدلالة الزمنية على الوجه الذي شرحناه في رقم ١ من ص٣٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>