للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذي يحفظ، ولا يقاس عليه. ولا عبرة بما عرضوه من أسباب أخرى؛ فهني أسباب ضعيفة لا تثبت على التمحيص، ومن السهل دفعها، وقد دفعها بعض النحاة فعلًا بما يرهق سرده من غير نفع عملي، فخير لنا أن فقر الواقع، من غير تكلف ولا جدال زائف.

هـ -ونزولًا على قاعدة الإفراد والتذكير السالفة عاب بعض النحاة على أبي نواس ذكر كلمتي: "صغرى" و "كبرى" مؤنثتين للتفضيل، مع أنهما مجردتان في قوله١:

كأن صغرى وكبرى من فقاقعها ... حصباء در على أرض من الذهب

والقياس: أصغر وأكبر. لأنهما صيغتان للتفضيل، مجردتان. والقاعدة تقضي بالتزام التذكير والإرادة في هذه الحالة..

ومما قيل في دفع هذا العيب: إن الشاعر لم يقصد التفضيل مطلقًا، ولا الحديث عن شيء أصغر من شيء آخر، أو أكبر منه؛ وإنما قصد صغرى أو كبرى من حيث هي: لا باعتبار موازنتها بغيرها؛ كمن يشاهد طفلة تحاول الركوب فيساعدها ويقول: ساعدتها لأنها: "صغرى"، أي صغيرة، وكمن يشاهد سيدة عجوزًا؛ فيعاونها عن النزول من السيارة ويقول: عاونتها لأنها كبرى؛ أي: كبيرة السن؛ فليس في كلامه هذا، ولا في المقام ما يدل على تفضيل أو موازنة بين اثنين يزويد أحدهما على الآخر في هذا المعنى.

وإذا كان الأمر على ما وصفنا فليس التأنيث لحنًا، لأن "أفعل" إذا كان مجردًا غير مقصود منه التفضيل "فالأكثر فيه عدم المطابقة؛ حملًا على أغلب أحواله، وقد يطابق، لعدم مجيء "من" لفظًا ومعنى. واعتمادًا على هذا السبب في المطابقة يخرج بيت أبي نواس السالف، ومثله قول العلماء العروضيين: "فاصلة صغرى وكبرى"، خلافًا لمن جعله لحنًا٢".


١ يصف كأسا مملوءة بشراب ذهبي اللون، تعلوه الفقاقيع.
٢ حاشية الخضري مع توضيح بعض كلماتها –"في هذا الباب عند الكلام على أفعل التفضيل المضاف والمقرون بأل". ومثل هذا في شرح التوضيح. وقال الأشموني في هذا الموضع ما نصه: "..... وإذا صح جمع "أفعل التفضيل"؛ لتجرده من معنى التفضيل جاز أن يؤنث؛ فيكون قول ابن هانيء: "كأن صغرى وكبرى من فقاقعها ... " صحيحًا ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>