للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني:

أن يكون أفعل التفضيل مقرونًا "بأل". وهذا يوجب أمرين:

أحدهما: أن يكون مطابقًا لصاحبه في التذكير، والتأنيث، والإفراد، وفروعه؛ نحو: قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} –اليد العليا خير من اليد السفلى١. الشقيقان هما الأفضلان –الشقيقان هما الفضليان٢ –الأشقاء هم الأفضلون، أو الأفاضل٣ –الشقيقات هن الفضليات ...

والآخر: عدم مجيء "من" الجارة "للمفضل عليه"؛ لأن "المفضل عليه" لا يذكر في هذا القسم٤. أما الجارة لغيره فتجيء؛ كالتي في قول الشاعر:

فهم الأقربون من كل خير ... وهم الأبعدون من كل ذم

فالجار والمجرور –في الشطرين –لا شأن له بالتفضيل: لأن: "من" المذكورة هي التي تدخل على المجرور للتعدية٥، إذ: "الأقرب" و "الأبعد" يحتاجان إلى معمول مجرور "بمن" كفعلها: "قرب وبعد" فليست: "من" بعدهما هي التي تدخل على المفضول، وتجره؛ إنما هي مجرورها نوع آخر.


١ العليا: مؤنث الأعلى، والسفلى: مؤنث الأسفل. والألفاظ الأربعة صيغ تفضيل.
٢ تثنية: فضلى، مؤنث: أفضل.
٣ انظر رقم ٢ من هامش ص٤١٤؛ ففيه البيان.
٥ إذ تغني عنه "أل"؛ لأنها للعهد "وليست موصولة كالداخلة على اسم الفاعل، واسم المفعول" والتي للعهد تشير إلى شيء معين تقدم ذكره لفظًا أو حكمًا. وتعيينه يشعر بالمفضول؛ ولهذا قالوا: "لا تكون "أل" في "أفعل التفضيل" إلا للعهد؛ لئلا يعرى عن المفضول" –راجع الصبان، ج٢ أول باب أفعل التفضيل –وإذا لا يصلح أن يقال: على الأفضل من أمين. وأما قول الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى ... إنما العزة للكاثر
فمؤول عندهم بتأويلات مختلفة؛ منها: زيادة "أل" في لفظ:"الأكثر"، ومنها: أن الجار والمجرور متعلق بكلمة محذوفة تماثل المذكورة، والأصل: "بالأكثر أكثر منهم"....ومنهم أن "من" بمعنى "في" وكل هذه التأويلات مرفوضة لا يعرف عنها الشاعر "الأعشى" شيئًا؛ فهي إما لغة، وإما شاذة.
٥ وهي التي سبقت الإشارة إليها في ص٤٠٧، وتخالف الداخلة على المفضل عليه، والتي سبق بيانها في ص٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>