للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وضعوا للحالة الأولى ضابطًا مُطَّردا، وهو: أن يكون "أفْعل التفضيل" –في الأغلب– نعتًا والمنعوت اسم جنس، قبله نفي أو شبهه١. وأن يكون الاسم الظاهر المرفوع بأفعل التفضيل أجنبيًا٢ منه، ومفضَّلًا على نفسه ومفضولًا أيضًا –باعتبارين مختلفين- نحو: ما رأيت رجلًا أكمل في وجه الإشراق منه٣ أفعل تفضيل، نعت. والمنعوت قبلها اسم جنس منفيّ في جملته، وهو: "رجل"، و"الإشراقُ" فاعل لأفعل التفضيل، وهذا الفاعل مفَضَّل ومفضول معًا؛ فهو مفضَّل باعتباره في وجه العابد، ومفضول باعتباره في وجه غير وحه العابد. وهذا معنى قولهم: مفضل على نفسه ومفضول باعتبارين. وقد تحقق الضابط في المثال السالف؛ ومن ثَمَّ رفع أفعل التفضيل الاسم الظاهر. ومن الأمثلة: ما شاهدت عيونًا أجملَ فيها الحَوَرُ منه في عيون الظباء ... فأفعل التفضيل هو: "أجمل"، ومنعوته: "عيونًا" اسم جنس منفي في جملته، وفاعله الظاهر هو: "الحَوَر"، ولهذا الفاعل اعتباران، فهو مفضَّل إن كان في عيون الظباء، ومفضول إن كان في عيون غيرها. فقد تحقق في هذه الصورة الضابط الخاص كما تحقق في سالفتها.

وفي الصورتين يمكن أن يحل محل "أفعل" فعلٌ بمعناه من غير أن يترتب على هذا فساد، نحو: ما رأيت رجلًا يكمل في وجهه الإشراق.... وما شهدت عيونًا بجمل فيها الحَور....

فإن لم يصلح أن يحل هذا الفعل محله لم يرفع اسمًا ظاهرًا، إلا نادرًا لا يقاس عليه –كما سبق –وإنما يرفع ضميرًا مستترًا وجوبًا؛ نحو: المشي أنفع من السباحة، ففي "أنفع" ضمير مستتر وجوبًا يعود على المشي، ولا يجوز في الرأي الراجح أن يرفع اسمًا ظاهرًا؛ لأنه لا يصح أن يحل محله فعل بمعناه؛ كما لا يصح أن يقال –في الرأي الراجح أيضًا –استمعت إلى فتى أعلمُ منه أبوه برفع كلمة "أبوه" على أنها فاعل لأفعل التفضيل٤: "أعْلم" إلا على لغة ضعيفة مرجوحة.


١ كالنهي، والاستفهام الذي بمعنى النفي، وسيجيء التمثيل لهما في "أ" ص٤٣٠.
٢ بأن يكون خاليًا من الضمير الذي يعود على الموصوف ويدل على صلة بين "أفعل"، ومنعوته.
٣ أي: من الإشراق "انظر "ب" في الزيادة، ص٤٣٠".
٤ لا يصح هذا: لأن أفعل التفضيل –في المثال أشباهه –ليس مفضلا على نفسه، وإنما هو مفضل على غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>