للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الجملة الاسمية الواقعة نعتًا: نحو: رأيت كتابًا؛ الورقُ ناعمٌ مصقول، والطباعة جيدة نظيفة١، والغلاف متين جذاب، فكأنك قلت: رأيت كتابًا ورقه ناعم مصقول، وطباعته ... وغلافه.... وهذا رأي حسن، مستمد من "أمثلة كثيرة مسموعة تبيح القياس عليها بشرط أمن اللبس.

"هـ" لا تُربَط الجملة الواقعة نعتًا إلا بالضمير أو بما يقوم مقامه في الربط، ويغني عنه، وهو "آل كما مرّ في: "د" ولا تصلح الواو التي تبق -أحيانًا- الجملة الواقعة نعتًا أن تكون للربط، فإنها ولو زائدة تلتصق بهذه الجملة؛ لتُقَّوى دلالتها على النعت، وتزيد التصاقها بالمنعوت دون أن تصلح وحدها للربط، ويسمونها لذلك: "واو اللصوق"، ومن أمثلتها، في القران الكريم قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} ، والأصل: "إلا لها كتاب معلوم" زيدت الواو للغرض السالف، ولا تفيد شيئًا أكتر منه٢. وكذلك قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} . فقد زيدت الواو قبل الجملة الاسمية الواقعة نعتًا. ومن الأمثلة قول عُروة بن الوَرْد:

فيا للناس كيف غلبت نفسي ... على شيء ويكرهه ضميري

فالواو زائدة قبل الجملة المضارعية النَّعتية. وهي في كل صورها التي تتعين فيها للإلصاق لا تصلح وحدها أن تكون رابطًا -كما أسلفنا-.

وقد اختلف النحاة: أزيادتها قياسية٣ أم سمعية؟ والأرجح عندهم -برغم مجيئها في القرآن- أنها سماعية، وهذا عجيب منهم؛ لأن معناه بأن بعض التراكيب القرآنية لا يصح محاكاته، ولا صوغ أساليبنا على نهجه، مع اعترافهم جميعًا أن القرآن أسمى لغة بيانية، وأعلى كلام بليغ. نعم قد يكون الأنسب اليوم الوقوف بزيادة هذه الواو عند حدّ السماع؛ تجنبًا لإساءة فهمها، والخلط بينها وبين الأنواع الأخرى، ولا ضرر ولا تضييق في الأخذ بهذا الرأي٣. ولكن الأنسب لا يحرّم غيره مما هو صحيح مباح.


١ هذه الجمله الاسمية -والتي تليها– معطوفة على الأولى، فهي في حكم النعت كالمعطوف عليه. إلا أن قامت قرينة مقضي بأنها لبست معطوفة، وأنها شيء آخر: كأن تكون حالية، أو مستأنفة.
٢ راجع التصريح وحاشية ياسين ج١ باب الحال عند الكلام على صاحب الحال النكرة.
٣ ومن القائلين بقياسيتها: "الزمخشري".

<<  <  ج: ص:  >  >>