للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تتقدّم الجملة أيضًا على غيرها كقوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} ١ وهذا النوع من التقدم فصيح يجوز القياس عليه؛ لوروده في أبلغ الكلام –وهو القرآن– ولكن الأول أكثر.

عطف النعوت المختلفة المعاني بعضها على بعض:

يجوز عطف النعوت بعضها على بعض مع ملاحظة ما يأتي:

١- أن تكون النعوت المتعددة مختلفة المعاني وليست جُملًا٢؛ فلا يصح العطف في مثل: هذا رجل غنيّ ثريّ؛ لأن الثريّ بمعنى الغنيّ، ولو عطف عليه لَعُطِفَ الشيء على آخَر بمعناه، والعطف يقتضي المغايرة المعنوية، غالبًا٣. ولا فرق في منع العطف في النعوت المتفقة المعاني بين أن تكون كلها تابعة في إعرابها للمنعوت، وأن تكون مقطوعة، وأن يكون بعضها تابعًا وبعضها مقطوعًا.

أما إذا كانت النعوت المتعددة جُملًا٢ فالأفضل عطفها؛ ولاي يشترط اتفاقها في المعنى أو اختلافها؛ نحو: احترمُ رجلًا يترفع عن الصغائر، ويتوقى مواطن السوء، ويُجَنِّب نفسه الهوان.

٢- ألاّ يكون حرف العطف هو: "أم"، أو: "حتى"، إذ لا تُعْطف النعوت بواحد منها٤.

٣- وإذا كانت النعوت مختلفة المعاني والمنعوت مُثنى أو جمعًا، وجب –في الأكثر– العطف بحرف الواو دون غيره –كما سبق٢- نحو: تحدث الفائزان؛


١ وقول الشاعر في ظالم:
بغَى وللبغى سهامٌ تُنْتظرْ ... أَنْفَذُ في الأكباد من وخْز الإبَرْ
"٢، ٢" أما شبه الجملة ففي حكم المفرد إذا كان متعلقة مفردًا.
٣ إلا إذا كان العطف للتفسير الذي يراد به إيضاح الغامض، أو المجهول، كما قد يحصل –أحيانًا– ولا غامض ولا مجهول هنا.
ويحسن العطف عند تباعد المعاني المختلفة كقوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ، وَالْآخِرُ، وَالظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنُ} بخلافها إذا تقاربت؛ كقوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ، الْخَالِقُ، الْبَارِئُ، الْمُصَوِّرُ} .
٤ سبقت الإشارة لهذا في رقم ٢ من هامش ص٤٨١.
٥ في ص٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>