للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ لا ندري أهو الحسين بن علي، أم غيره؛ لاشتراك هذا الاسم بين أفراد متعددة، كل منها يسمىك "الحسين". لكن حين قيل: "الحسين بن عليّ" زالت تلك الشائبة بسبب كلمة: "ابن" الجامدة١ التي وضحت المقصود، وعينت المراد، والتي معناها هنا معنى: "الحسين" لأن "الحسين" المقصود هو "ابن علي"، و"أين عليّ" المقصود هو: "الحسين" فالمراد من الكلمتين ذات واحدة، ولكن الثانية أوضحت الأولى –كما قلنا– مع أنها تخالفها لفظًا، لا معنى وذاتًا.

وكذلك خطب: "بنته" فإن كلمة: "بنت" هنا معرفة؛ بإضافتها إلى الضمير، لكنها –بالرغم من تعريفها– مُغَشَّاة بشيء من الشيوع والإبهام يجعلنا لا ندري حين نسمعها: أيُّ بنات الرجل هي؟ أتكون ذات "الرَّبَاب" أم ذات غيرها؟.... فلما قال: "الرباب" تحدد الغرض، وتعينت ذات واحدة دون غيرها؛ بسبب كلمة: "الرباب" الجامدة التي أزالت الابهام، وأوضحت المراد، وبين معناها الذي هو معنى: "البنت" لأن حقيقة البنت المقصودة هنا في الكلام هي حقيقة "الرباب" وذات "الرباب" المقصودة هي ذات البنت التي يدور بشأنها الكلام. فهما مختلفتان لفظًا، مع اتفاقهما معنّى وذاتًا.

ومثل هذا يقال في كلمة "الرسول" السالفة. فما حقيقة الرسول المراد؟ وما ذاته؟ إنّ كلمة: "الرسول" برغم تعريفها هنا "بأَلْ" تحتاج إلى تعيين أكمل وإيضاح وأشمل؛ لانطباقها على عدد من الأفراد. فلما جاء اسم: "محمد"٢ تم به التعيين الذاتي، وزال ما قد يحوم حول مدلول "الرسول" من شيوع وإبهام؛ بفضل كلمة: "محمد" التي عينت ذاته؛ لأنها بمعناها تمامًا، والمراد منها ذات واحدة.

ومثل هذا كلمة: "الأديبة". فهذه الكلمة –برغم تعريفها هنا "بأل"– لا تدل دلالة دقيقة على ذات واحدة معيَّنة دون غيرها، وإنما تصدق على أدبيات متعددات، فلما جاء بعدها كلمة بمعناها، هي: "سُكَيْنة" الجامدة تركز المراد: في ذات أديبة واحدة معينة، لا ينصرف الذهن إلى سواها، وهي الذات


١ غير المشتقة.
٢ رددنا في مناسبات مختلفة أن المشتق إذا صار علمًا دخل في عداد الأسماء الجامدة، وخضع لأحكامها وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>