للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد من "الاشتراك المُطلق والجمع المطلق" أنها لا تدل على أكثر من التشريك في المعنى العام: فلا تفيد الدلالة على ترتيب زمني بين المتعاطفين١ وقت وقوع المعنى، ولا على صاحبة، ولا على تعقيب١، أو مهلة، ولا على خسَّة٠أو شرف٢ ...

وهي إنما تتجرد للاشتراك المطلق حيث لا توجد قرينة تدل على غيره، وحيث لا تقع بعدها "إما" الثانية. فإن وجدت قرينة وجب الأخذ بما تقتضيه، وان وقعت بعدها "إمّا" الثانية كانت الواو لمعنى آخر غير التشريك والجمع -وسيجيء التفصيل٣-.

ففي مثل: وصل القطار والسيارة تفيد الواو مجرد اشتراك المعطوف "وهو: السيارة"

المعطوف عليه؛ "وهو: القطار" في المعنى المراد، وهو: "الوصول" من غير إن تزيد على هنا شيئًا آخر: فلا تدل على: "تريب" زمني بينهما يفيد أن أحدهما سابق في وقته، وأن الآخر لاحق به، ولا على: "مصاحبة" تفيد اشتراكهما في الزمن الذي وقع فيه اشتراكهما في المعنى٤، ولا على "تعقيب" يدل على أن المعنى تحقق في المعطوف بعد تحققه في المعطوف عليه مباشرة، من غير انقضاء وقت طويل بينهما، ولا على: "مهلة" تدل على أن تحققه كان بعد سَعَة من الوقت، وفسْحة فيه٢ ...


"١، ١" الترتيب الزمني: تقدُّم أحدهما على الآخر وقت وقوع المعنى والمصاحبة: تقتضي اشتراكهما في المعنى في وقت واحد. "أي: انطباق المعنى عليهما معًا في زمن واحد". والتعقيب: وقوع المعنى على المعطوف بعد وقوعه على المعطوف عليه مباشرة، "أي بغير مهلة، ولا انقضاء وقت طويل عرفًا" ...
٢ فالمتأخر -وهو المعطوف- قد يكون أشرف أحيانًا من المتقدم "وهو المعطوف عليه" كقوله تعالى: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} .
٣ في ص٦١٢.
٤ أي: أنها لا تفيد اشتراكهما في الزمن والمعنى معًا، وإنما تقتصر على الاشتراك في المعنى وحده.
٥ ومن الأمثلة أيضًا قول الشاعر:
زادَ الوشاة، ولا والله ما تركوا ... قولًا، وفعلًا، وبأْساءً، وتهجينًا
فلم نزِد نحن في سرّ وفي علن ... علة مقالتنا: "الله يكفينا"
ومن أوضح الأمثلة لدلالة على مجرد الاشتراك المطلق في معنى الواو قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>